غزة | منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005، صار حمل شريحة اتصال تابعة لشركة إسرائيليّة في غزّة موضع شبهة، فيما عملت محالّ البيع على بيع بعض الخطوط بصورة مخفية، فضلاً عن صعوبة تعبئة هذه الشريحة بالرصيد أو دفع فواتيرها، مع غياب الدعم الفنيّ لها في الأراضي الواقعة تحت سيطرة السلطة الوطنيّة (الضفة المحتلة وقطاع غزة).
رغم ذلك، بقي عدد قليل من المواطنين يحملون تلك الشرائح سرّاً لأسباب خاصة، وبمساعدةٍ من أقربائهم في الأراضي المحتلة عام 1948، أو الضفة، لتعبئة الرصيد لهم، إلى أن جاء عدوان 2014 الأخير، حينما قررت حركة «حماس» المنع القاطع لحمل هذه الشرائح، التي تساهم ضمن أحد جوانبها في مساعدة العملاء المجندين لمصلحة الاحتلال.
ولاحظت المقاومة في تلك المرحلة أن الشركات الإسرائيلية نصبت محطات إرسال عدة بالقرب من حدود القطاع، لتقوية التغطية لهذه الشرائح، بعدما كان البثّ يقتصر على المناطق الحدوديّة أو العالية، علماً بأن هذه الشبكات لا تتضرر بانقطاع الكهرباء في غزة، أو خلال أوقات الحروب، كما الحال مع الشركة الفلسطينية «جوال».
وفي قانون الاتصالات الفلسطيني لعام 1996، تنصّ المادة الرقم 98 على أنّ «كلّ من استورد أو تاجر بأجهزة اتصالاتٍ مخالفة للمواصفات القياسيّة، أو يحمل بطاقات تعريف مخالفة للمواصفات المُعيّنة من الوزارة، يُعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر حتى سنة، أو بغرامةٍ لا تقل عن 1000 دينار أردني، ولا تزيد على 2000 دينار، أو بكلتا العقوبتين».
وما يجذب بعض الشباب إلى استخدام هذا النوع من الشرائح خدمات الجيل الثالث من الإنترنت الغائبة عن الشبكات الفلسطينية بسبب قيود العدو، فضلاً عن أن نظيرتها الإسرائيليّة توفرها بأسعار مُميّزة عن «جوال» و«الوطنية». وفي أحد التقارير الصحافية، ذكر موقع «المجد» الأمني، المقرب من «حماس»، أنّ الشرائح الإسرائيلية تدخل إلى القطاع عبر المعابر التي تربط الأخير بفلسطين المحتلة، أو عبر السياج الحدوديّ في شمال القطاع وشرقه.

يزداد الطلب على الشريحة الإسرائيلية بسبب خدمات الإنترنت

أحد التجار الذين يبيعون هذه الشرائح سراً، تحدث إلى «الأخبار» مشترطاً إخفاء اسمه، وقال إن طلبات المواطنين لها تقتصر على «أمورٍ تكنولوجية»، كما يرى، مضيفاً إنّ «الطلبات تتزايد يومياً لإدخال الشرائح الخاصة بشركتي سيلكوم وأورانج» وتابع: «لا أشعر بأي ذنب أو شبهة ما دام الطلب لغرض تجاريّ، ولاستخدامٍ مشروعٍ في الحصول على الإنترنت».
وتوقع هذا التاجر استمرار الطلب ما دامت الشركات الفلسطينيّة لا توفّر خدمات جيدة بأسعار مقبولة، لافتاً إلى أنه يبيع الشريحة الإسرائيلية الواحدة للموزّع مقابل 50 شيكلاً (12 دولاراً) وفيها خدمات الإنترنت لمدة شهر وقرابة خمسة آلاف دقيقة اتصال. بعد هذا الشهر، تُتلف الشريحة في حال عدم تمكن صاحبها من شحنها عن طريق أحد ما خارج غزة، علماً بأن «جوال» في غزة تقدم بالمبلغ نفسه 130 دقيقة اتصال فقط، ودون خدمات إنترنت أو رسائل نصيّة قصيرة.
والإجراء المتخذ حالياً بحق من تُضبط لديه شريحة إسرائيلية دفع غرامة مالية والتحقيق، وفق إفادة أحد أصحاب محالّ الخلوي، الذي أفاد بأنّ جهاز «الأمن الداخلي» أرسل له إشعارًا بإتلاف جميع الشرائح الإسرائيلية التي يمتلكها.
يقول المتحدث باسم وزارة الداخلية في غزّة، إياد البزم، إنّهم منعوا تداول هذا النوع من الخطوط، كما أنّ من تثبت عليه تهمة امتلاكها أو إدخالها سيكون في دائرة الاتهام. وأضاف البزم: «الأجهزة الأمنية تعمل على قدم وساق لمصادرة هذه الشرائح وإيقاف تداولها... هذه الإجراءات هي لحماية المواطن من المخاطر الأمنية، وأيضاً لتدعيم الشركات الفلسطينيّة الحاصلة على تراخيص العمل والتي تكون خاضعة للمراقبة وللجودة».
أما في الضفة المحتلة، فأفادت «العلاقات العامة والإعلام للضابطة الجمركية الفلسطينيّة»، بأنها ضبطت عام 2016 قرابة 1100 شريحة و180 فلاش نت (تصدرها شركة «سيلكوم»)، و2500 كرت شحن رصيد. وأضاف بيان «الضابطة» إن سبب الحملة الضرر العائد على الخزينة العامة جراء عمليات التهريب، وإنها تتطابق مع «مكافحة المنتجات الإسرائيلية الممنوعة وفق القانون الفلسطيني، وخاصة في مجال الاتصالات».
ويقول الرئيس التنفيذي لـ«مجموعة الاتصالات الفلسطينية»، عمار العكر، لـ«الأخبار» إنّ «الاتصالات تواجه منافسة غير عادلة مع نظيرتها الإسرائيلية، إذ بلغ حجم الخسائر التي يتعرض لها القطاع الفلسطيني نحو 100 مليون دولار أميركي سنوياً»، مرجعاً سبب الإقبال على الشرائح الإسرائيلية إلى استخدام ترددات الجيلين الثالث والرابع.
وحصلت «الأخبار» على إحصائية من وزارة الاتصالات تفيد بأنّ عدد الشرائح الإسرائيلية المستخدمة في أراضي السلطة فاق 340 ألفاً، منها 200 ألف في الضفة، وهي مشتراة بصورة غير قانونيّة.