غزة | عادة ما تكون سفارات الدول في العاصمة الأساسيّة للدولة، ولكن الوضع في فلسطين مختلف تماماً، إذ أصبحت الضفة تُعامل كدولة بذاتها. وحالياً أصبح قطاع غزّة يُعامل على أنّه دولة مستقلة، له قيادته وحكومته وإدارته ومشاريعه الخاصة.
منذ أيام، تحدث عضو المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبو مرزوق، عن إمكانية تطبيق الكونفدرالية بين غزة والضفة. وكأن حديث أبو مرزوق لم يكن كافياً لترسيخ الانقسام حتى أعلنت "اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة"، أمس، عن بناء سفارة قطرية في غزة، لتوحي بأن هناك توجهاً للفصل بين الضفة المحتلة والقطاع.
وعقب اجتماعٍ تمهيدي مع مقاولي الشركات المشاركة في مشروع إنشاء مبنى السفارة الذي سيتضمن سكناً للسفير القطري محمد العمادي، ومبنى للأعمال الخارجية وملحقاته، عاين رئيس قسم المشاريع في اللجنة القطريّة عبد الحليم العيسوي موقع السفارة والشوارع المحيطة به. ووفق المتحدث الإعلامي باسم اللجنة القطريّة عبد الرحمن الخالدي، فإنّ من المُقرّر أنّ يُقام مبنى السفارة جنوب ميناء غزة، على أرض تعود ملكيتها للحكومة، على مساحة 5 دونمات. وقال الخالدي في حديث إلى "الأخبار" إنّ "المشروع يحتاج إلى حوالى 18 شهراً لتنفيذه، ومن المرتقب أنّ تكون هناك زيارة للسفير محمد العمادي خلال أسبوع، للإشراف على خرائط التنفيذ". وأضاف أن "المشروع يأتي كخطوة لتعزيز العلاقة بين قطر وقطاع غزّة، في ظلّ تزايد التداخل بين الطرفين، والمشروع يعمل على تشغيل الأيدي العاملة والحدّ من البطالة، وجاء بالتنسيق مع وزارة الأشغال العامة والإسكان".
وجاء الإعلان عن المشروع من دون التنسيق مع حكومة التوافق في رام الله، كما أوضح وزير الأشغال العامة والإسكان في حكومة الوفاق الوطنيّ مفيد الحساينة، مؤكّداً لـ"الأخبار" أنّه لم يتواصل معهم أحد، لا من قبل السفير القطريّ أو من قبل منسّقي اللجنة في القطاع، معتبراً أنّ "هذه الخطوة تعمّق الانقسام وتعزّز مفهوم دولة مستقلة في غزّة، الذي لن يُسمح بتطبيقه تحت أيّ ظرفٍ".
ومع أن قطر دعمت القطاع إنسانياً عقب العدوان الإسرائيلي عامي 2008 و2012، ورمّمت جزءاً كبيراً منه بعد العدوان الأخير صيف 2014، لكن كل ذلك كان بالتنسيق مع حكومة الوفاق، وموافقة رئيس السلطة الوطنية محمود عبّاس. حتى إنّ إدخال مواد البناء كان يتم بالاتفاق مسبقاً مع حكومة رامي الحمدالله. وكان آخر هذا الدعم دفع رواتب ومستحقات موظفي حكومة غزة، الذي تمّ بموافقة "أبو مازن".