القاهرة | خرج الملياردير نجيب ساويرس من المشهد السياسي المصري. بعد أشهر، من بيعه قناته التلفزيونية، أطاحه أعضاء حزبه «المصريون الأحرار» خارج الحياة السياسية، بإيعاز أمني، ما دفعه إلى وصف ما جرى بأنه «تأميم» للحزب.
وأنفق ساويرس عشرات الملايين على الحياة السياسية ليحجز مكاناً قوياً له، و«اشترى نواباً في الانتخابات البرلمانية»، قبل عامين، من باقي الأحزاب السياسية، ليشكّل ثاني أكبر تكتل سياسي داخل البرلمان، فضلاً عن اندماجه في ائتلاف «دعم مصر» على القوائم الانتخابية.
وقبل أشهر قليلة، باع ساويرس مجموعة قنوات ON TV، مكتفياً بالوكيل الإعلاني لمجموعة القنوات التي تحولت من السياسة إلى الترفيه، قبل أن يتخلى حزب «المصريون الأحرار» عنه، وذلك بعد أشهر من الخلاف غير المعلن بين ساويرس المموّل الرئيسي للحزب وقياداته خلال الفترة الماضية، انتهت بإقصاء الرجل الذي عارض مواقف الحزب الاقتصادية والسياسية في البرلمان خلال الفترة الماضية، والذي توقف عن التمويل، ما أثّر على الحزب مالياً، وساهم في تقليص نشاطه بشكل كبير.
ويعرف عن ساويرس «عدم رضاه» عمّا يحدث في مصر، و«غضبه حيال طريقة إدارة الدولة للمشاكل الاقتصادية»، وهو ما ساهم في اعتباره من المعارضين للسياسات الاقتصادية التي تتبناها سلطة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الفترة الحالية، بينما لم توجه له دعوة لحضور أي من الفعاليات الاقتصادية التي جمعت السيسي ورجال الأعمال.
ويبدو أن ساويرس قد خرج خاسراً من 2016 على المستوى السياسي. فقد أنفق على الحزب أكثر من 100 مليون جنيه بمفرده، ليكون أقوى الأحزاب مالياً في مصر، بخلاف حزب «مستقبل وطن» المدعوم من أجهزة الدولة. لكن قيادات الحزب ونوابه في البرلمان اختلفوا معه في توجهاته الداعمة لمصالح رجال الأعمال، وفق وصف النواب الذين عقدوا جمعية عمومية للحزب في أحد الفنادق التابعة للقوات المسلحة، من أجل سحب الثقة من ساويرس وباقي أعضاء مجلس الأمناء، وهو المجلس الذي جرى التوافق على إنشائه مع تأسيس الحزب ليضع السياسات العامة ويكون المرجعية الأساسية للحزب.
ولا تبدو أيدي الدولة بعيدة عمّا حدث. فساويرس قال عبر موقع «تويتر»، ردّاً على إحدى التدوينات التي وصفت ما حدث بـ«التأميم»، إن هذا «أدق توصيف». ويعاني الرجل من تجاهل كامل ومضايقات في استثماراته، وقد باعت عائلته شركة الاتصالات الخلوية «موبينيل» لشركة «أورانج» الفرنسية، بالرغم من الأرباح التي حققتها الشركة في السنوات الماضية.
رئيس الحزب عصام خليل رفض الكشف عن المموّلين الجدد للحزب الذين وفّروا مقراً رئيسياً بديلاً، إضافة إلى مقار في المحافظات، وقاموا بالإنفاق على رواتب الموظفين العاملين الذين عانوا من أزمة مالية خلال الأشهر الماضية. وقد باتت غالبية نواب الحزب تؤيد قرارات الحكومة في مجلس النواب خلال التصويت من دون اعتراض، بينما لم يلقَ ساويرس أي دعم رغم تصريحات صدرت من أعضاء مجلس الأمناء في الفترة الأخيرة تؤكد لجوءهم إلى القضاء والمطالبة بتجميد الحزب، وهي خطوة يتوقع أن تكون صعبة.
ويتحدث رئيس الحزب عن ممارسة مجلس الأمناء ما يشبه الوصاية التي مارسها مكتب الإرشاد في جماعة «الإخوان المسلمين» على حزب «الحرية والعدالة»، بينما يقول سياسيون إن انقلاب رئيس الحزب المفاجئ سببه دعمٌ من جهة سيادية تولت مساندة الحزب ليكون قوياً في البرلمان ويمرر القوانين بالشكل الذي تريده لا بالطريقة التي يريدها ساويرس، خصوصاً أن هذه الجهة لا تزال تحمل ضغينة لساويرس لرفضه الإنفاق على الحملة الدعائية لقائمة «في حب مصر» التي انضم إليها الحزب ولم ينفق عليها دعائياً.