لا تزال قضية زيادة نشاط حركة الطيور في مدارج مطار بيروت الدولي تتفاعل، وخصوصاً بعد التهديد الجدي الذي قد تُحدثه هذه الطيور على سلامة الطيران المدني. وعلى الرغم من أن الجهات المعنية حاولت، ولا تزال، التقليل من آثار المشكلة وتداعياتها، إلا أن الواقع بات يُنبئ بضرورة الاعتراف بالأزمة ومواجهتها وبتّها.
أول من أمس، قال المدير العام للطيران المدني، المهندس محمد شهاب الدين، إن مديرية الطيران المدني في المطار تعتزم شراء أربعة أجهزة متخصصة ومتطورة لطرد الطيور، لافتاً إلى مسؤولية مطمر الكوستا برافا "الذي ساعد بنسبة معينة بتزايد أعداد الطيور". لكن شهاب الدين أشار الى أن "الطيور موجودة في المنطقة قبل عام ألفين (..)، والسبب الرئيسي للطيور يعود إلى المياه المبتذلة التي تصب أولاً في البحر، وثانياً في نهر الغدير حيث تتكاثر أنواع معينة من الأسماك التي تجذب الطيور"، مُكرّراً بذلك رأي وزير الزراعة السابق أكرم شهيب حول تحميل مصب نهر الغدير مسؤولية وجود الطيور، وليس مكب النفايات البحري الملاصق للمطار ومدارجه.

مديرية الطيران تعتزم شراء أربعة أجهزة متخصصة لطرد الطيور

تبنّي هذا الرأي، يعني عدم الاعتراف عملياً بأن المطمر المؤقت القائم حالياً على شاطئ الكوستا برافا هو المسؤول عن أزمة الطيور التي تحلق بكثافة حالياً. وهو رأي يناقض آراء خبراء بيئيين سبق أن حذّروا من تداعيات المطمر البيئية والصحية وآثاره على حركة الطيران. هؤلاء يحمّلون المطمر المسؤولية الأولى والأساسية عن تكاثر الطيور في محيط المطار.
يقول رئيس الائتلاف المدني الرافض لخطة النفايات الحكومية، رجا نجيم، أن مصب نهر الغدير قائم في المنطقة منذ زمن، "لكننا لم نشهد يوماً هذه الأعداد من الطيور"، لافتاً الى محاولة السلطة التملّص من مسؤولياتها وتجنب الإقرار بأن خطوتها إقامة المطمر كانت متهورة وفي غير مكانها. ويُضيف نجيم: "هذا النوع من الطيور تستقطبه النفايات وليس الأسماك الموجودة في المصب كما يزعمون".
في اتصال سابق مع "الأخبار"، لفت شهيّب الى أن مشكلة الطيور ستبقى ما دام المصب قائماً، مُعتبراً أن مياه المجارير التي تصب هناك هي المسؤولة عن الطيور وهي تحتاج الى تضافر جهود المعنيين. ومع خروح شهيّب من الحكومة الحالية، يعود ملف النفايات كاستحقاق جدي أمام المعنيين وأمام الحكومة الجديدة.
الجدير ذكره أن قضاء العجلة في بعبدا يبحث حالياً في مسألة وجوب إقفال مطمر الكوستا برافا، في دلالة واضحة على حجم الخطر الجدي على الطيران المدني. وكان قاضي الأمور المستعجلة في بعبدا حسن حمدان قد كلّف، إثر الدعوى القضائية التي تقدّم بها عدد من الناشطين، الوزارات والجهات المعنية إعداد تقارير فنية لاستكشاف حجم الخطر الجدي الذي بات يتهدد سلامة الطيران المدني، على أن يبتّ القضية في الرابع والعشرين من الشهر المُقبل. من ضمن الجهات التي كلّفها القاضي حمدان لإعداد التقارير الفنية، هي مديرية الطيران المدني. وبالعودة الى تصريح شهاب الدين، فهو، على الرغم من كل محاولات "امتصاص" الأخبار حول الواقع الذي يزداد سوءاً في المنطقة، قال صراحةً: "من المحبذ من حيث المبدأ عدم إقامة أي مطمر للنفايات بالقرب من المطار، فهذه مشكلة بحاجة إلى حل جذري على مستوى الدولة".