تحدث كثيرون في فرنسا عن أن خروج زلاتان ابراهيموفيتش من باريس سان جيرمان لن يؤثر كثيراً في حملة دفاع بطل فرنسا عن لقب "ليغ 1"، على اعتبار أن الصفوف الباريسية تضم أسماء كبيرة بينها الهداف الأوروغوياني إدينسون كافاني.
لكن مع توالي سقطات سان جيرمان وآخرها أمام غانغان (1-2)، عاد الحديث عن "إيبرا" من جديد، لا لأن الفريق الباريسي لا يقدّم ما هو منتظر منه حالياً، بل لأن المشهد في إنكلترا كان يمكن أن يظهر في فرنسا ويُبعد باريس سان جيرمان عن شبح الأزمة التي يعاني منها حالياً.
هناك في الدوري الإنكليزي الممتاز، يطل ابراهيموفيتش بصورة البطل، إذ لا يتوقف عن تأكيد أن النجومية يصنعها اللاعب لنفسه لا الفرق التي يدافع عن ألوانها، والتي تكون مستفيدة بطبيعة الحال من لمعانه. "إيبرا" انضم إلى مانشستر يونايتد، فوجد فريقاً مفككاً غير ثابت المستوى، لكن هذه المسألة لم تثنيه عن تقديم ما يملك من إمكانات، ويسير على درب التقليد القديم الذي اعتاد عليه بتسجيله الأهداف المهمة لفريقه.

إبراهيموفيتش يتطوّر
أكثر لأنه يتعامل بذكاء مع متطلبات الدوري الإنكليزي



ففي نفس اليوم الذي أُحرج فيه باريس سان جيرمان أمام غانغان، كان ابراهيموفيتش حاضراً بقوة ليضحك على كل الذين ضحكوا بسبب اختياره الانتقال إلى يونايتد. كما ضحك في سرّه أيضاً على كل أولئك الذين طالبوا المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو بإبعاده عن التشكيلة الأساسية بالنظر إلى تقدّمه في السن.
النجم السويدي لا يعترف سوى بكلامٍ محددّ، وهو كلام الأهداف، متجاهلاً كل من اعتبر أنه سيفشل في إنكلترا حيث نسق اللعب السريع، وحيث القوة البدنية المستخدمة بإفراط من قبل اللاعبين، بعكس الدوري الفرنسي الذي نشط فيه "السلطان" في الأعوام الأربعة الأخيرة، والذي لا يقارن بأي شيء يرتبط بأفضل بطولة وطنية في العالم.
بهدفيه أمام وست بروميتش البيون بعد ظهر السبت، يكون إبراهيموفيتش قد وقّع على 11 هدفاً في 16 مباراة لعبها حتى الآن في الـ "بريميير ليغ"، وعلى 16 هدفاً في 25 مباراة خاضها مع "الشياطين الحمر" في المسابقات المختلفة. أرقام لافتة تعكس مدى الحضور القوي للرجل في الفترة الأخيرة، وهو الذي سجل 10 أهداف في آخر 9 مباريات، ليثبت بأنه أنجح الصفقات على صعيد الأرقام الفنية والمادية كونه قَدِم إلى يونايتد بلا مقابل، وترك تأثيراً أكثر من أي وقتٍ آخر في نتائج الفريق الإنكليزي.
واللافت أن ابراهيموفيتش أسقط كل تلك الأقاويل التي تحدثت عن فشله في الـ "بريميير ليغ" مع بلوغه الـ 35 من العمر، فصدم الجميع بتطوره أسبوعاً بعد آخر، بحيث أنه يتعامل مع الدوري الإنكليزي بالشكل الذي يتطلبه اللعب في هذه البطولة. سرعته تحضر في الوقت المناسب، وقوته البدنية يستخدمها بشكلٍ دائم، فمن تابع المباراة أمام وست بروميتش لاحظ بلا شك كيف يتعامل السويدي مع خصومه، والدليل تلك الضربة العنيفة بالكتف التي توجّه بها إلى كرايغ داوسون وكادت تتسبب بطرده. إبراهيموفيتش يتطوّر أكثر لأنه يتعامل بذكاء مع متطلبات الدوري الإنكليزي، فهو يعرف كيف يوفّر مجهوده ويقسّمه على مدار دقائق المباراة، ما يُبقي سرعته حاضرة حتى اللحظات الأخيرة والحاسمة، فيظهر خلالها وكأنه بدأ اللقاء منذ دقائق قليلة. هو أصلاً يعكس صورة اللاعب المحترف بكل جوانبها من خلال جديته في التدرب رغم شخصيته الثائرة والمثيرة للجدل. لذا لن يكون مفاجئاً تخطيه عتبه الـ 30 هدفاً للموسم السادس على التوالي، إد أنه ليس مستعداً للتخلي عن مركزه الأساسي ويبدو انه يستحقه اكثر من أي أحدٍ آخر في يونايتد.
"أنا هنا. أنا هنا لألعب. أريد أن العب. ففي رأسي أشعر وكأنني لا زلت في الـ 20 من العمر. اشعر أنني بحالةٍ جيدة وأريد ان استمر في اللعب". بهذه الكلمات ردّ "السلطان" على من طالب بوضعه على مقاعد البدلاء قبل المباراة أمام وست بروميتش. وبهدفيه في تلك المباراة ردّ على الجميع، مؤكداً أن القرار له وحده تماماً كما كان عليه الأمر منذ انطلاق مسيرته الذهبية. هو يقرر مصيره ومصير منافسيه بأحكام مبرمة تقضي عليهم وعلى كل من يشكك به.




نجوميّة زلاتان لا يحدّها زمان ولا مكان

حسن زين الدين

مجدداً، يلعب النجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش دور البطل مع مانشستر يونايتد بقيادته إلى الفوز على وست بروميتش ألبيون بتسجيله هدفين في المرحلة السابعة عشرة من الدوري الإنكليزي الممتاز بعدما قاده في المباراة السابقة إلى الفوز على كريستال بالاس بتسجيله هدفاً قبل دقيقتين من النهاية، وصناعته الأول للفرنسي بول بوغبا. هكذا، رفع "إيبرا" أسهمه مجدداً بين نجوم الصف الأول في الـ"بريميير ليغ"، وخصوصاً مع ارتقائه إلى المركز الثالث على لائحة ترتيب الهدافين.
مجدداً، يثبت إبراهيموفيتش أنه نجم من فئة العمالقة على عكس ما قاله عنه الهداف الإنكليزي السابق والمحلل التلفزيوني الحالي، ألن شيرر، بأنه فقد هذه الميزة مع يونايتد. لا يفرق مع زلاتان اختلاف اللغات، فبالفرنسية أبدع مع باريس سان جيرمان ووصل إلى مرتبة أفضل اللاعبين الذين مروا على ملاعب "الليغ 1"، وها هو الآن بالإنكليزية ينقل تألقه إلى ملاعب إنكلترا.
يؤكد "إيبرا" أنه لا يرضى إلا أن يكون النجم الأول حتى لو تقدم في السن ووصل إلى 35 عاماً، وحتى لو أن القادم الآخر معه إلى يونايتد هو الشاب الفرنسي بول بوغبا بمبلغ تاريخي. لا أحد يسرق النجومية المطلقة من زلاتان أو ينازعه عليها، هذا ما أثبته إبراهيموفيتش حتى الآن في صفوف "الشياطين الحمر".
المدهش في هذا النجم، قوة التحدي التي يمتلكها حيث إنه بعد نجاحه المنقطع النظير مع سان جيرمان واعتزاله الدولي مع منتخب بلاده لم يشأ أن يكتفي بما حصده وأن ينتقل ليختتم مسيرته بهدوء ومن دون ضوضاء خلف المحيط في الولايات المتحدة أو أوستراليا أو الصين، كما فعل الكثير من النجوم المتقدمين في السن بعد تلقيه العديد من العروض ــ التي لا تزال مستمرة، وآخرها أمس عرض صيني قياسي يبلغ 143 مليون يورو ــ بل إنه فضّل مواصلة المشوار في أعلى المستويات بانتقاله إلى الدوري الإنكليزي، حيث الصراع البدني الكبير وحيث النجوم الكثر وحيث كانت الشكوك في استقباله حتى من قلب البيت "المانشستراوي" عندما توجّه إليه أسطورة يونايتد الفرنسي إيريك كانتونا بالقول إنه "الملك الوحيد" للفريق، لكن "إيبرا" رد على ذلك على أرض الملعب وأثبت أنه لا يزال بإمكانه العطاء، رغم عدم إمكانية المقارنة بين كانتونا وإبراهيموفتش لجهة الفترة الزمنية التي كانا فيها في الفريق على الأقل.
ليس غريباً في الأيام الأخيرة أن تنهال الإشادات من مدرب يونايتد البرتغالي جوزيه مورينيو على إبراهيموفيتش وحتى دفاعه عنه إزاء الانتقادات التي تعرض لها، كما الحال مع شيرر وقبله مايكل أوين، وأن يصفه أول من أمس بعد الفوز على وست بروميتش باللاعب "الذي لا يُصدَّق"، إذ إن "السبيشال وان" ممتنّ أكثر من غيره في فريق "الشياطين الحمر" للاعب السويدي الذي لعبت أهدافه في حماية رأس البرتغالي وحتى مواصلته المشوار مع يونايتد بعد النتائج السيئة للفريق، إذ لنتخيل لو أن زلاتان لم يفرض وجوده ولم يسجل تلك الأهداف، وخصوصاً في المباريات الأخيرة، لكان بالتأكيد مورينيو في خطر في مدينة مانشستر.
الأكيد، أن إبراهيموفيتش كسب الرهان تماماً وبكل المقاييس حتى الآن، وهو يستحق من دون تردد لقب "سلطان" كل زمان ومكان.