بعد مرور ثمانية أشهر على انكشاف شبكة "العبوديّة الجنسيّة"، التي ألّفتها عصابة إجراميّة يترأسها فوّاز الحسن (معروف بعلي زعيتر أو علي الحسن)، ويعاونه فيها كلّ من موريس جعجع وعماد الريحاوي، والتي احتجزت لسنوات أكثر من 75 فتاة (سوريّة ولبنانيّة) في فندق "شي موريس" وملهى "Sliver B" في المعاملتين...
أصدر رئيس الهيئة الاتهاميّة في جبل لبنان القاضي الياس عيد قراره الاتهامي رقم 2211/2016، الذي تركّز على توجيه الاتهامات بالاتجار بالبشر وتأليف عصابة تمارس الرقّ والاستعباد بحق فتيات ضُربن وعُذّبن واغتُصبن وأُجبرن على ممارسة الدعارة بالقوّة والترهيب.

المتهمون

استند القاضي عيد إلى قانون مكافحة الاتجار بالبشر (رقم 164/2011)، ومواد من قانون العقوبات اللبناني، واتهم كلّاً من المدّعى عليهم فوّاز الحسن، وموريس جعجع، وعماد الريحاوي، وغياث دفضع وزوجته فاطمة جيرودي، والياس أبو رجيلي، ومدين علي الحسين، ومدين نور علي العبيد، والحرّاس إبراهيم عثمان، وجعفر السليمان، ويوسف الباشا، وأمجد السليمان، ومحمد شحرون، وفرزات المحمد، وعلي الحايك، ونوار سلطون، وزياد الشدياق، والحارسات ومديرات الملهى والفندق جوزة الحسين، ودلال دبوري، وأماني حمصي، ورقية حمدان، وريم إبراهيم، بجناية الاتجار بالبشر والاسترقاق والممارسات الشبيهة بالرقّ المنصوص عليها في المادة 586 من القانون 164، وجناية المادة 569/عقوبات المتعلّقة بالحرمان من الحرية لأكثر من شهر وتأليف جماعة لممارسة التعذيب الجسدي والنفسي، وجناية المادة 355/عقوبات. واتهم المدّعى عليه محمد القصّار بجناية الاتجار بالبشر وفق المادة 586/164. وكذلك اتهم المدّعى عليهم الطبيب النسائي رياض العلم، وطبيب التخدير جورج أواكيان، والممرضة جيزيل أراكيلو، بجناية المادة 543/عقوبات، والظنّ بهم بجنحة المادة 542/عقوبات المتعلّقتين بتطريح (إجهاض) امرأة برضاها أو من دون رضاها. كذلك اتهم كلّاً من فواز الحسن، وموريس جعجع، وعماد الريحاوي، وغياث دفضع، والياس أبو رجيلي، وأماني حمصي، ورقية حمدان، ودلال دبوري، وفاطمة جيرودي، بالتدخّل بتطريح امرأة بموجب المادة 543/219 و542/219 من قانون العقوبات، فيما ردّ طلبات إخلاء سبيل كلّ من جورج أواكيان، وجيزيل أراكيلو، ورياض العلم، وكذلك موريس جعجع، وعماد الريحاوي، وعلي الحايك، وفاطمة جيرودي، والحارسات رقية حمدان، وريم إبراهيم، وجوزة الحسين، وأماني حمصي، ودلال دبوري، والحارسين يوسف الباشا وإبراهيم عثمان.

هيكليّة العصابة

تتبيّن من التحقيقات الأوليّة التي أجريت في مفرزة الاستقصاء في جبل لبنان، والتحقيق الابتدائي والتحقيق أمام الهيئة الاتهاميّة، هيكليّة شبكة الاتجار بالبشر، وهي التي استند إليها عيد لإصدار قراره الظني بما يتوافق مع الجرائم المرتكبة والمنصوص عليها في القوانين المرعيّة.
يترأس الشبكة فوّاز الحسن (معروف بعلي الحسن أو علي زعيتر) وهو متوارٍ ويحمل بطاقة هويّة لبنانيّة مزوّرة، ويعاونه موريس جعجع صاحب ملهى "Sliver B" وفندق "شي موريس" (موقوف)، ويعمل لصالحهما عماد الريحاوي (موقوف وملاحق بمحضر آخر بجرم الاغتصاب) الذي تكمن مهمّته في إدارة "المهنة" وضبط الأمور في الفندق والملهى، عبر ضرب الفتيات وتعذيبهن، وقد ورد في إفادة إحداهن أنه اغتصبها، وذلك لترهيبهن وإجبارهن على ممارسة الدعارة بالقوة.

يعدّ القرار الاتهامي الصادر تقدمياً في دعاوى الاتجار بالبشر


يعاون الريحاوي المدعو غياث دفضع، الذي يوصف بأنه يده اليمنى، فهو كان يدير مع زوجته فاطمة جيرودي (معروفة بنور) جلب الفتيات من سوريا إلى لبنان، عبر إيهامهن بالعمل نادلات في المطاعم. وورد في التحقيقات أن هناك مجموعة من الأشخاص كانت تعاونه عبر استدراج الفتيات ونقلهن إلى لبنان، وأحياناً "شرائهن"، وهم أنور السعدي، ومحمد خربطلي، وأيمن الكنى، ومدين الحسن، ومدين العبيد (يلقب بصدام)، وأبو النور، وأبو شادي، وسوسن، ورزان، وأحمد، وعامر، وأحمد عوض، وأحمد الكيلاني، ومحمد الحلبي، وحسين، وشاهد المبيض، وقد سطّرت بحقّهم مذكرات تحرّ دائم توصلاً لمعرفة كامل هوياتهم.
إضافة إلى عمليّة الاستدراج والجلب والإجبار على ممارسة الدعارة، شكّلت الشبكة مجموعة أمنيّة مهمّتها تأمين حماية الملهى والفندق، ومنع الفتيات من الهرب، وهي مؤلّفة من مجموعة حرّاس يعملون لقاء بدل شهريّ، وهم إبراهيم عثمان، وجعفر سليمان، ويوسف الباشا، وأحمد السليمان، ومحمد شحرون، وفرزات المحمد، وعلي الحايك، ونوار سلطون، والمسؤول عنهم معروف باسم رعد، فيما كانت تهتم خمس نساء بإدارة الملهى والفندق، وحراسة الفتيات، وقبض الأموال من "الزبائن" وإعطاء الغلّة للريحاوي، وهنّ دلال دبوري التي كانت تدير الملهى ثمّ انتقلت إلى الفندق، وكانت تسجّل حركة الفتيات، وكذلك الأمر بالنسبة إلى أماني الحمصي، وريم إبراهيم ورقية حمدان، وجوزة الحسين (ويلقّبن بشهد وروعة ومايا وسمر وناتالي). وإضافة إلى ذلك، كنّ يساعدن في نقل الفتيات مع دفضع وأبو رجيلي إلى عيادة الطبيب رياض العلم لإجهاضهن، وقد وصل حساب هذا الأخير شهرياً، بحسب زوجة دفضع، إلى 8 آلاف دولار أميركي، إذ كان يتقاضى 200 دولار أميركي لقاء كلّ عمليّة إجهاض يجريها عبر إعطاء دواء Cytotec، وشفط بقايا الحمل بالـ"شليمون"، بحسب إفادة طبيب التخدير جورج أواكيان.

قرار تقدّمي

درجت عادة السلطات اللبنانيّة على نكران وجود سوق للاتجار بالبشر في لبنان، على الرغم من التقارير الكثيرة عن العمالة والاتجار اللذين يطالان أطفالاً، وتتحدّث عن نساء يستقدمن للعمل راقصات فيرغمن على الدعارة، فضلاً عن نظام الكفالة المعمول به ويستعبد العاملات الأجنبيّات في الخدمة المنزليّة. يضاف إلى ذلك العدد القليل من الموقوفين بهذا الجرم (وصل عددهم إلى 8 عام 2014) في مكتب الاتجار بالبشر وحماية الآداب، مقابل 381 بجرم ممارسة الدعارة و146 بجرم تسهيل الدعارة.
في الحالة الراهنة، يعدّ القرار تقدمياً في دعاوى الاتجار بالبشر، بحسب محامية قسم الاتجار بالبشر في منظّمة "كفى" موهانا إسحق، نظراً إلى صدور القرار الاتهامي الذي سيحيل الملف حكماً إلى محكمة الجنايات لبدء المحاكمة العلنيّة، متخطياً مؤشّرات كان تثير المخاوف من تخفيف العقوبة من اتجار بالبشر إلى تسهيل الدعارة. وتضيف المحامية إسحق: "لقد أتت الأوصاف الجرميّة مطابقة للحالات والأفعال، من دون أن يلطّفها بما يهدر حقوق الضحايا، وهو يكمل المسار الذي انطلق منذ أشهر، ويثبت وجود حالة اتجار".




22 موقوفاً

تم الادّعاء في ملف شبكة "شي موريس" للاتجار بالبشر على 26 شخصاً. أوقف 22 منهم على مراحل، وهم موريس جعجع، وإبراهيم عثمان، وجعفر سليمان، ويوسف الباشا، وأمجد السليمان، ومحمد شحرون، وفرزات المحمد، وعلي الحايك، ونوار سلطون، وغياث دفضع، ومحمد القصّار، وزياد الشدياق، وجوزة الحسين، ودلال دبوري، وأماني حمصي، ورقية حمدان، وريم إبراهيم، وفاطمة جيرودي، وعماد الريحاوي، ورياض العلم، وجيزيل أراكيلو، وجورج أواكيان، فيما لا يزال كلّ من فواز الحسين، ومدين الحسين، والياس أبو رجيلي، ومدين العبيد متوارين وموقوفين غيابياً.