طهران | في الحرب العربية ــ الإسرائيلية التي وقعت عام 1973، استخدمت الدول العربية سلاح النفط للضغط على الولايات المتحدة الأميركية التي فتحت جسراً جوياً للكيان الإسرائيلي.
حينها، ساندت إيران الشاهنشاهية حليفها الأميركي، واستمرت في ضخّ إمدادات النفط، محقِّقةً أرباحاً كبيرة، إذ قفزت أسعار النفط من 1.9 إلى حدود 13 دولاراً، في عام 1974. وتسبب ذلك في طفرة مالية كبيرة في خزينة الحكم البهلوي، ليقرر محمد رضا شاه توجيه هذه الأرباح المالية إلى الأسواق العالمية للاستثمار، خصوصاً في قطاع الحديد.
في ذلك الوقت، كانت أصفهان قطب مصانع الحديد في إيران بتقنيات روسية. ولكن بعد دعم موسكو للعرب تسليحاً، في حرب 1973، اتجهت إيران للخروج من تحت العباءة الروسية، في حين كانت تؤسّس مصانع صلب جنوبي البلاد، محاولة الاستفادة من التقنيات الغربية، وخصوصاً الآتية من ألمانيا التي كانت قد بدأت بمشروع بناء محطة بوشهر الكهروذرية.
في عام 1974، اشترت إيران 25.2 في المئة من أسهم شركة ألمانية مختصة بصناعة الحديد، بقيمة 330 مليون مارك، فيما كان القيمة الحقيقية للأسهم 145 مليون مارك. تبع ذلك شراء 25.1 في المئة من أسهم شركة «فريد كروب» بـ875 مليون مارك، بينما كانت القيمة الحقيقية 175 مليون مارك. اعتبرت طهران الأموال الإضافية بمثابة هبة للاقتصاد الألماني، إذ إن الشركتين الألمانيتين كانتا على شفير الإفلاس، ليتسلّم على إثر ذلك علي غضنفري تمثيل إيران في الشركتين.
عام 1979 سقط الحكم الشاهنشاهي ثمّ وقعت الحرب مع العراق، وتأثرت أرباح الشركة الألمانية ووصلت إلى واحد في المئة، وجرى دمج شركات «كروب» مع شركة «تيسن»، لتنتقل الملكية الخاصة إلى الملكية العامة. ونتيجة للدمج مع شركات أخرى، أصبحت حصة إيران 7.79 في المئة، وجرى تعيين شخصية إيرانية في مجلس إدارة الشركة.

تملك إيران أسهماً
في الشركة الألمانية ولا علاقة لها
بتسويق المنتجات

بعد أحداث الحادي عشر من أيلول 2001، ووضع إيران ضمن «محور الشر» من قبل الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن، طلبت الولايات المتحدة من الشركة التقليل من أسهم إيران في «تيسن كروب» للقبول بعقد اتفاق عمل معها. وبالتالي، تفادياً لمزيد من العقوبات، قرّرت إيران خفض حصتها إلى ما دون 5 في المئة، الأمر الذي لا يسمح لها بإيفاد ممثلين عنها إلى مجلس الإدارة. بالفعل، قرّرت الشركة شراء الأسهم الإيرانية بـ11 يورو للسهم، في حين أصرّت طهران على قيمة وصلت إلى 24 يورو للسهم. وبعد مفاوضات استمرت ستة أشهر، نجح المفاوض الإيراني في بيع السهم بالمبلغ الذي أراده، ليصل إلى 406 ملايين يورو كقيمة إجمالية، دفعت نقداً بحسب الشرط الإيراني.
كذلك، دفعت الضغوط الأميركية الشركة إلى منع ممثل إيران من الحضور في لجنة الإشراف عليها. وفي عام 2004، أُخرج محمد مهدي نواب ممثل إيران من الشركة، فيما بقي لديها 4.5 في المئة من الأسهم من دون أن يكون لها إشراف على أيّ من العقود المُبرمة، حيث طرحت الأسهم المتبقية للبيع عام 2007، من دون الإعلان عن السعر الذي قدّر حينها بـ700 مليون دولار. ولكن حتى الآن ليس هناك شارٍ لهذه الأسهم.
اليوم، وبعد انتشار الأخبار عن قيام هذه الشركة ببناء سفن حربية وغواصات للكيان الإسرائيلي، أوضح مصدر في وزارة الخارجية الإيرانية لـ«الأخبار» أن شركة الاستثمار الإيرانية المملوكة للحكومة، ومن أجل رفع مستوى التبادل الاقتصادي العالمي، استثمرت في أكثر من عشرين دولة في قارات العالم الخمس، وهي لديها أسهم في شركات عالمية، من بينها «تيسن كروب». وأضاف المصدر أن «شركة تيسن كروب هي شركة فاعلة في تصنيع الفولاذ والصلب»، مضيفاً أنها «في عام 2005 دخلت مجال تصنيع السفن والمدمّرات والغواصات». وفي هذا السياق، لفت إلى أن «إيران تملك أسهماً في هذه الشركة، الأمر الذي يدخل في إطار التبادل الاقتصادي والاستثماري». إلا أنه أكد أن «طهران لا علاقة لها بموضوع تسويق منتجات الشركة، ولا تتدخل في العقود التي توقعها».