ضمن «مهرجان الفيلم العربي القصير» (الأخبار 28/11/2016)، يعرض «نادي لكل الناس» هذا المساء فيلم «قضيتي» (23د ــ إنتاج IESAV كلية الفنون البصرية في الجامعة اليسوعية) لناتالي ربيز. إنّه العمل الروائي الأول للمخرجة الشابّة بعد شريطها الوثائقي «الهمة قوية»، يحكي الرحلة الأخيرة التي قامت بها لولا عبود لتنفيذ عمليتها الشهيرة ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي في نيسان (أبريل) عام 1985.
لا تبغي ربيز تمجيد تاريخ المقاومة الوطنية أو تكريم دور المرأة في المقاومة من خلال عملها. الجديد في «قضيتي» هو العودة إلى ذكرى المناضلة الفتيّة لولا عبود من خلال الإنسان الذي ينطلق في رحلة يعلم أنها الأخيرة. يكتب وصيته ويقرأها ويسجلها وينطلق. هذا الإنسان هو فتاة في سنّ التاسعة عشرة، التحقت بأفواج المقاومة الوطنية وقررت مجابهة من احتل بلدها وقريتها ووصل باجتياحه إلى العاصمة عام 1982. كيف كانت الساعات الأخيرة في حياة لولا؟ كيف تهيأت نفسياً؟ ما كانت مهمتها؟ وما الذي يخيف فتاة تسلك طريقاً تعرف أن الموت ينتظرها في آخر محطة؟ دخلت ربيز إلى ماضٍ مجيد طوَت إنجازاته الطائفية من جهة، وفشل التجربة اليسارية اللبنانية سياسياً وشعبياً من جهة أخرى. أعادت المخرجة رفاق لولا وعائلتها إلى الليلة الأخيرة، واليوم الأخير في حياة الفدائية الشابّة. لا يزال من رافق لولا في تلك الرحلة ومن استقبلها في قريتها في القرعون، يتذكران كل لحظة في الرحلة الأخيرة. تقرّ ناتالي ربيز في حديث مع «الأخبار» أنّه ليس سهلاً العودة إلى هذا الماضي، لا بالنسبة إلى أهل البيت ولا بالنسبة إلى الرفاق القدامى، فنبش الذكريات لا يخلو من الألم والحزن، ولو أنّ لولا أصبحت رمزاً من رموز المقاومة الصادقة والتضحية بعد استشهادها. وليد فارس، وفارس الحاج حسن، رفيقا آخر الدرب، ساعدا كثيراً في جمع خيوط الرحلة. الحاج حسن كان آخر من استقبل الشهيدة في منزله في القرعون قبل الانطلاق إلى موقع جيش الاحتلال، هو شارك أيضاً في هندسة الديكور، واضعاً خبرته في بناء الموقع العسكري الإسرائيلي.
توضح ناتالي ربيز، أنه مع معرفتها وتقديرها للمقاومة الأولى التي انطلقت ضد العدو، إلا أنها تفضل دائماً العودة إلى هذا التاريخ من خلال إنسانية المقاومة، لا فقط ايديولوجيتها أو إنجازاتها العسكرية. وهذا ما أرادته من خلال فيلمها الوثائقي السابق «همة قوية». تقول إنّ البعض لم يدرك حقيقة ما أرادت قوله، «لم يكن العمل عن خالتها سهى بشارة، بل عن جدتي والدة سهى، تلك الأم التي انتظرت ابنتها، وعاشت وفي رأسها ابنتها المعتقلة». أظهر «همّة قوية» الفرق في رؤية الأشياء بين الرجل والمرأة حين يختار الأبناء طريقاً كطريق المقاومة. فهذه حقائق تتعلق بأحاسيس أهل لا يمكن إخفاؤها خلف الموقف السياسي أو خلف الفخر بعمل الابن المقاوم. أرادت ناتالي وأرادتنا أن نعيش مع لولا تلك اللحظات، وهي في طريقها لتنفيذ عملية ضد العدو: أن ننظر في عينيها ونسمع صوت تنفّسها، وأن ترى إيمانها بما تريد، وتصميمها على تحقيقه وارتباكها وخجلها وسعادتها مع اقترابها من الهدف.

* «قضيتي» لناتالي ربيز: 21:00 مساء اليوم ـــ «متروبوليس أمبير صوفيل» (الأشرفية ـ بيروت)