فاتن الحاجتحضر حادثة تزوير الموظفين لإيصالات رسوم الميكانيك واستيفاء الرسوم لجيوبهم في دائرة النافعة في الأوزاعي فور سؤال الناس عن تبعات إقفال مراكز المعاينة الميكانيكية. يومها، لم يعفِ كشف الموظفين المتورطين ومعاقبتهم، المواطنين الذين وقعوا ضحية التزوير، من دفع الرسوم مرتين. الحجة التي أعطيت لـ«تغريم» الناس هي أنّ الأموال سددت لشخص سرقها، وبالتالي لم تدخل خزينة الدولة، أي أنّ المواطن لم يسدّد ما يتوجب عليه قانوناً.
اليوم، لا يثق الناس بأنهم لن يدفعوا ثمن التأخير في تسديد رسوم الميكانيك نتيجة الإضراب المفتوح لاتحادات ونقابات قطاع النقل الذي دخل أسبوعه الثاني. كثيرون لا يضمنون عدم توقيفهم من «درّاج» يقرر أن يحرّر محاضر ضبط بحقهم بسبب هذا التأخير. يقولون إن التجارب مع الدولة اللبنانية ليس في ملف الميكانيك فحسب، بل في كل الخدمات العامة، ليست مطمئنة، فالمواطن هو الخاسر الأكبر وكبش المحرقة دائماً. يسأل أحدهم: «ماذا حصل عندما أضرب المياومون في كهرباء لبنان؟»، ويجيب: «ببساطة تراكمت علينا المبالغ».
في المقابل، يبدو البعض متيقناً أنّه لا بد من أن تجترح الدولة حلولاً إذا طالت مدّة الإضراب، على قاعدة: شو ذنب الناس؟ يقولون: «معقول يطلعوا قرار يقضي بقبض الرسوم من دون معاينة»، مبدين تخوفهم من ضبط المخالفة الذي قد يوازي الرسوم عن سنة كاملة.
آخرون بدوا مهجوسين بالزحمة التي ستحصل بعد فتح المراكز. «يوم الذل»، كما يسمونه، يمكن أن يصبح ثلاثة أيام، ولا سيما أن ضغط السيارات لن يكون سببه تكدس المعاملات بفعل الإضراب النقابي فحسب، بل أيضاً بسبب قانون خفض الغرامات على متأخرات رسوم السير والميكانيك، والذي أقرّه مجلس النواب في جلسته التشريعية الأخيرة في 19 الجاري، ولا سيما أنّ المهلة لتسوية أوضاع المركبات والآليات تنتهي في نهاية شباط المقبل.
لم يخف بعض الناس امتعاضهم من إمكان أن يدفعوا غرامات 100 ألف ليرة و200 ألف ليرة على رسوم السير، بسبب زيادة التسعيرة 10 دولارات.
رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي المقدم جوزيف مسلّم نفى أن يكون تم تحرير أي ضبط بحق أي مواطن لم يدفع رسوم الميكانيك نتيجة إقفال مراكز المعاينة. يقول: «لم يمض شهر واحد على الإضراب، ما يعني أن المخالفة لم تسجّل بعد، وما فينا نحمل الناس مسؤولية الإقفال». لم يصدر، بحسب مسلم، أي قرار ولم ترسل برقية للعناصر الأمنية بهذا الشأن حتى الآن.
يحسم رئيس مصلحة تسجيل السيارات أيمن عبد الغفور الجدل بالقول إنّ الإدارة غير قادرة على اتخاذ أي قرار يتيح لها استيفاء الرسوم من دون المعاينة، فالأمر مرتبط بمراسيم وقوانين، وأي إجراء يحتاج إلى تعديل هذه المراسيم والقوانين. يشير إلى أن المادة 9 من المرسوم 7577 تنص على الآتي: «يحظر إجراء أي معاملة استيفاء لرسوم السير ما لم يبرز سائق السيارة إفادة صادرة عن المؤسسة المعتمدة تثبت أن السيارة خاضعة للمعاينة أو الكشف الميكانيكي الدوري وأنها صالحة للسير».
المواطنون
مهجوسون بالزحمة بعد فك إضراب النقابات

ويوضح: «هذا يعني أن توقف عمل مراكز المعاينة لا يتيح للإدارة استيفاء الرسوم من دون إفادة المعاينة، وبتنا أمام واقع شلل للمرفق العام ومواطن عاجز عن دفع الرسوم المتوجبة عليه وبحكم المخالف للقانون».
أما الإعفاء من الغرامات فمرتبط أيضاً، بحسب عبد الغفور، بنص تشريعي في مجلس النواب، وليس بقرار إداري. ويلفت إلى أن القانون يعفي المواطن من 90% من المتأخرات ويصدر عادة للسنة التي تسبق السنة الحالية.
يتحدث عبد الغفور عن 850 ألف آلية ومركبة تخضع للمعاينة الميكانيكية في أربعة مراكز فقط، من أصل مليون و500 ألف آلية موجودة على الأراضي اللبنانية.
وإذا كان المواطن اضطر في السابق للوقوف لساعات بسبب هذا الضغط، فإن الطوابير التي لا تنتهي سوف تبقيه أياماً هذه المرة، ما سيعزز استفادة المكاتب والسماسرة، كون المعاينة ممراً إلزامياً.
وعن تخوف الناس من تحميلهم دائماً مسؤولية الكلفة، كما حصل في قضية التزوير في مركز الأوزاعي، يرد: «الإدارة حققت إنجازاً بكشف الإيصالات الوهمية والقضاء هو الذي قرر تدفيع الناس مرتين»، كاشفاً عن صدور قرار قضائي في ما بعد يسمح للمواطن بعدم دفع الرسوم عن السنوات التي حصل فيها على إيصالات مزورة، شرط عدم السماح بانتقال ملكية السيارة لحين بت الموضوع نهائياً.
يقول المراقبون إن المشكلة قائمة وهي متوقعة، ولذلك لا توجد أي حجّة لاحقاً لتصوير الأمر كما لو أنه مفاجئ وغير محسوب. فعلى الإدارة المعنية التحرّك فوراً للتوصية الواجب اعتمادها من أجل تعليق المهل المتعلقة بمواعيد المعاينة وتسديد الرسوم الى حين بت النزاع الحاصل على خلفية مناقصة تلزيم المعاينة الميكانيكية.