منذ فترة، تشهد العاصمة اللبنانية حراكاً إعلامياً أخرجها من الركود الذي عاشته طيلة سنوات. فضائيات عربية عدّة تستعد لإطلاق بثّها في محاولة منها للحاق بالتطورات التي تعيشها المنطقة: قناة «الميادين» لن تتأخّر في الخروج على الهواء، والاستعدادات مستمرّة لتجهيز تلفزيون «اليسارية». أما «آسيا»، فتبدأ رسمياً بثّها التجريبي مطلع الشهر المقبل.في منطقة الجناح في بيروت، وتحديداً في استديوهات قناة «آسيا» توضع اللمسات الأخيرة قبل انطلاق البث التجريبي الرسمي، بعد أشهر من عرض الأفلام الوثائقية فقط لا غير.

ويبدو أن فريق العمل في المحطة قد اكتمل، بعدما ضمّ مجموعة من الإعلاميين اللبنانيين والعرب، أمثال عبد الله شمس الدين، الذي سيرأس تحرير قسم الأخبار، ونسرين ناصر الدين المستقيلة من قناة otv، وشيرين ناصر وأمين أبو يحيى، وباسمة عيسى الآتية من التلفزيون الليبي، وبكر ناطق... أما المدير العام، فهو انتفاض قنبر، السياسي العراقي المعروف، وعضو «المؤتمر الوطني العراقي» الذي يرأسه أحمد الجلبي.
في حديثه مع «الأخبار»، ينفي قنبر أن تكون «آسيا» محطة عراقية: إنّها «قناة إخبارية عربية تهتمّ بالشأن العربي والتطورات في منطقة الشرق الأوسط».
ويكشف السياسي العراقي عن البرمجة المقررة للقناة، فيقول إنها ستضمّ مفاجآت وأفكاراً جديدة في نوعية البرامج الاجتماعية الاقتصادية والسياسية «كما أننا سنعرض فقرات رياضية ـــــ سياسية، أي إنها تكشف الارتباط الوثيق بين هذين القطاعَين». ويستفيض قنبر شارحاً أنّ الفضائية لن تتردّد في فضح ملفات الفساد في العالم العربي، وتورّط جهات سياسية واقتصادية في صفقات مشبوهة. وعلى الجبهة السياسية، يعد بالوقوف إلى جانب «الديموقراطية، وكل الثورات العربية وسنعرض كل وجهات النظر»، لكن الرجل يعود ليؤكّد أن الملفّ العراقي سيكون حاضراً بقوة على الهواء «بما أن العراق من أكبر دول العالم
العربي.
كما أنّه الدولة الوحيدة التي تملك حدوداً مع إيران. وبالتالي، فإنّ العراق يؤدي دوراً بارزاً في المنطقة».
إلى جانب الملفّ العراقي، ستتعاطى المحطة مع الملفّ الفلسطيني بطريقة «واضحة»، كما يقول قنبر: «سندافع عن حقوق الشعب الفلسطيني»، لكنّ المدير العام للمحطة يمتنع عن الإجابة عن سؤال مهمّ آخر، هو إمكان الاتصال بمسؤولين إسرائيليين كما يحصل في قناتَي «الجزيرة» و«العربية»، ويكتفي بالقول: «هذه التفاصيل سابقة لأوانها».
لكن لماذا اختيار بيروت مقراً رئيسياً للمحطة؟ لا يتردد في الإجابة: «لبنان بلد منفتح يتمتّع بهامش حريات واسع، كما أن بيروت تحوّلت في الفترة الأخيرة إلى عاصمة للإعلام العربي، إضافة إلى توافر كوادر إعلامية وفنية مميّزة».
ويضيف إن «الدخول والخروج من بيروت أمر سهل لا يحتاج إلى معاملات صعبة».
إذاً من بيروت سيبدأ بثّ قناة إخبارية جديدة يعد المسؤولون عنها بدخول حلبة المنافسة الفضائية، ودعم الانتفاضات الشعبية في المنطقة. ولعلّ هذه الشروط التنافسية تتطلّب تمويلاً كبيراً، بات مؤمّناً بالنسبة إلى المحطة، كما يوضح قنبر «المساهمون رجال أعمال من مختلف الجنسيات العربية». ماذا عن أحمد الجلبي؟ ينتفض قنبر عند سؤاله عن رئيس «المؤتمر الوطني العراقي»، فيقول إنه لا علاقة له بالمحطة «رغم أننا نحترمه كثيراً، ونعدّه من محرري العراق». ولمن لا يعرف من يكون أحمد الجلبي، فهو سياسي ورجل أعمال عراقي، كان من أبرز الدعاة إلى اجتياح العراق من قبل الاحتلال الأميركي بهدف إسقاط نظام صدّام حسين. أما قنبر، فهو أحد أكثر المقربين منه، حتى إنّ حسابه على موقع تويتر مليء بـ «الوتوتات» المدافعة عن الرجل والمروّجة له ولسياسته، كما ينقل على الحساب نفسه كل المقالات التي تكتب عن الجلبي أو المقابلات التي تُجرى معه.
ورغم نفي قنبر أي علاقة للجلبي بـ «آسيا»، فإن مصدراً مقرّباً من القناة أكّد لـ «الأخبار» أن رجل الأعمال والسياسي العراقي الشهير هو أحد الممولين الرئيسيين للمحطة «إلى جانب إيران، التي دفعت مبالغ كبيرة لدعم التلفزيون».
ويضيف المصدر إنّ هناك ما يشبه القرار في الفضائية بتفادي ذكر ارتباط الجلبي بالقناة «رغم أن الجميع يعرف ذلك، حتى إنّ المشاهدين في العراق يطلقون على القناة اسم فضائية أحمد الجلبي»، لكن لماذا كل هذا الغموض حول الموضوع؟ هل يرغب الجلبي في عدم توريط نفسه في المحتوى الذي ستبثّه القناة؟ أم أنّها سياسة للإيحاء باستقلالية المحطة بهدف تسهيل انتشارها في العالم العربي؟ أسئلة كثيرة سنكتشف الإجابة عنها مع انطلاق بثّ القناة.



تضامناً مع «العالم»

مطلع العام الحالي، وفي ظل الحصار الذي تعرّضت له قناة «العالم» الإيرانية من قبل الأقمار الصناعية العربية والغربية، اختارت «آسيا» نقل برامج الفضائية الإيرانية عبر تردداتها. من جهة أخرى، لا بد من الإشارة إلى أن الفضائية الجديدة حصلت على ترخيص عراقي للبث في عام 2005، لكن المشاكل ما لبثت أن لاحقتها، وخصوصاً القضائية منها، إذ صدر حكم يجبر المحطة على دفع 99 مليون دينار عراقي (ما يقارب التسعين ألف دولار) إلى «هيئة الاتصالات والإعلام» لاستخدامها الطيف الترددي من دون دفع مقابل، لكن المحطة تقدّمت بطعن لنقض هذا الحكم، وتردد أن احمد الجلبي هو من تولى حل القضية.