أكثر من مفاجأة خرجت بها الانتخابات الفرعية في نقابة محامي طرابلس، وكشفت ملامح خريطة قوى جديدة داخل «أمّ النقابات» الشمالية ستترك معالمها وتأثيرها في أي انتخابات مقبلة.أبرز نتائج الانتخابات أمس لانتخاب عضوين (مسلم ومسيحي) لمجلس النقابة، كانت الهزيمة المدوّية التي نزلت بتيار المستقبل، بسبب الخلافات الداخلية التي عصفت به، وظهرت بوضوح في وجود أكثر من «طبّاخ» مستقبلي للانتخابات، ما أدى الى احتراق «الطبخة».

فقد كشفت مصادر متابعة لـ»الأخبار» أن خلافاً نشب بين وزير العدل أشرف ريفي والنائب سمير الجسر ونقيب المحامين فهد المقدم، لحسابات سياسية وخاصة، حول إدارة الانتخابات واختيار المرشحين، لم تُجدِ معه نفعاً الوساطات التي جرت لاحتوائه، رغم حضور مسؤولي قطاع النقابات في المستقبل من بيروت لمعالجة المشكلة. وأوضحت أن «ما فاقم الأمور سوءاً كان أداء النقيب المقدم ومجلس النقابة الذي يهيمن عليه التيار، إضافة إلى تداعيات التشكيلات التي قام بها ريفي في قصر عدل طرابلس، وأثارت تحفّظ كثيرين واستياءهم».
بنتيجة الانتخابات يتبيّن أن هيمنة تيار المستقبل على مجلس النقابة باتت من الماضي، بعد فوز عبد السلام الخير (406 أصوات) المدعوم من فريق 8 آذار على محمد خليل (358 صوتاً) مرشح 14 آذار. هذا الفوز أعاد التوازن إلى مجلس النقابة بين الفريقين، وضخّ دماً شبابياً فيه. وهو سيعطي دفعاً كبيراً لفريق 8 آذار للإعداد لانتخابات النقيب العام المقبل، بعدما تبيّن أنه قادر على الفوز في أي استحقاق انتخابي داخل النقابة إذا كان متماسكاً.

تحالف بين
ميقاتي وكرامي وحضور وازن
للجماعة الإسلامية والمستقلين


كذلك رسّخت الانتخابات تحالفاً بين الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق فيصل كرامي (زاره الخير بعد صدور النتائج مع وفد من محامي 8 آذار وأهداه فوزه)، وهو تحالف يمكنه، إذا ما كرّر إدارته الجيدة للانتخابات، أن يحقّق الكثير في أي انتخابات نقابية مقبلة، بالتعاون مع تيار المردة الذي كان حريصاً على صبّ أصواته لمصلحة الخير، وكذلك الحزب السوري القومي الاحتماعي والتيار الوطني الحر، وباقي مكوّنات فريق 8 آذار.
أما في ما يتعلق بالمرشح المسيحي الفائز، طوني خوري، فلا يمكن لأي جهة أن تضع فوزه في رصيدها السياسي، لأن فريقي 8 و14 آذار وميقاتي قد أعلنوا تأييدهم له. إلا أن المفاجآت لم تقف عند هذا الحد، إذ نال خوري الذي حظي بتأييد مروحة واسعة من القوى السياسية 511 صوتاً، أي نحو نصف أصوات المقترعين الذين بلغوا 1020 محامياً من أصل 1174 على الجدول النقابي، فيما حازت منافسته جيزيل الدويهي، المحسوبة على 14 آذار، 359 صوتاً، وهي لم تحظ سوى بدعم النقيب السابق فادي غنطوس في مواجهة حلف سياسي ونقابي عريض، ما يؤشّر الى وجود كتلة نقابية مستقلة لها ثقلها وتأثيرها النقابي.
ومن مفاجآت أمس أيضاً نيل مرشح الجماعة الاسلامية بلال هرموش 231 صوتاً، ما يشير الى حضور وازن للجماعة والقوى الإسلامية داخل النقابة، ويشكّل رسالة إلى تيار المستقبل، الذي وعد الجماعة سابقاً بدعم مرشحها قبل أن يتراجع، بأن لعدم الوفاء بالوعود ثمناً غالياً.