أرثوذكسياً، لا تزال مستمرة تداعيات تحريف ترجمة تصريح رئيس دائرة العلاقات بين الكنيسة والمجتمع في الكنيسة الروسية فسيفولد تشابلين، في 30 أيلول الماضي، حول وصف مشاركة روسيا بالحرب في سوريا بـ «المقدسة». ولا تزال بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس تعيش إرباكاً وإحراجاً لم تنفع معهما بيانات التوضيح التي وصلت حدود «التبرؤ» من أي موقف أرثوذكسي لا يصدر عنها، وبأن «موقف الكنيسة الأنطاكية الرسمي تعبر عنه حصراً بيانات مجمعها المقدس وغبطة البطريرك».
هذا الإرباك ظهر بوضوح أمس خلال إنعقاد المجمّع الأنطاكي المقدس في دورته العادية السادسة في المقر البطريركي في جامعة البلمند، برئاسة البطريرك يوحنا العاشر اليازجي الذي أتى من دمشق، وفي حضور ممثلين عن أبرشيات الكنيسة الأنطاكية في المنطقة والعالم. وعقد المجمع وسط إجراءات أمنية مشدّدة خشية «قيام البعض بردّ فعل متهور تعقيباً على موقف الكنيسة الروسية»، بحسب مصادر مقربة من البطريركية.
البيان الذي أصدره المجمّع، وتلاه الوكيل البطريركي الأسقف أفرام معلولي، في مؤتمر صحافي، لم يتضمن أي إشارة أو تعليق على موقف الكنيسة الروسية أو مشاركة روسيا في الحرب في سوريا. لكنه لفت إلى «آلام الشعب السوري المتفاقمة منذ سنوات، ولا سيما معاناة المهجّرين الذين يخاطرون بحياتهم هرباً من الحرب والإرهاب، وسعياً وراء حياة أفضل لهم ولأبنائهم»، وشدد على «ضرورة إحلال السلام في الشرق الأوسط وفي سوريا، لأن السلام هو الكفيل بمنع إفراغ هذا الشرق المعذب من أبنائه». وذكّر بقضية مطراني حلب المخطوفين يوحنا إبراهيم وبولس يازجي، «التي أمست عنواناً لمعاناة هذا المشرق الذي يقاسي ويلات الحروب خطفاً وتهجيراً وقتلاً».
«الأخبار» حاولت التواصل مع البطريرك اليازجي للتعليق على موقف الكنيسة الروسية، فرد معتذراً: «إنه زمن الصمت المقدّس». وانسحب هذا الصمت على المؤتمر الصحافي أيضاً. فبعد تلاوة معلولي البيان لم تسنح للصحافيين الفرصة لتوجيه أي سؤال للبطريرك «بناء على توجيهاته» بحسب أوساط مقربة منه. ولم تخفِ هذه الأوساط استياءها من «تحريف موقف الكنيسة الروسية واستغلاله، وتصوير الأمر وكأنه حرب صليبية جديدة، علماً أن الكل يعرف أنها حرب مصالح وصراعات دول». ولفتت إلى أن «المسيحيين المشرقيين، نتيجة تعايشهم مع المسلمين قروناً طويلة، هم أكثر تفهماً للمسلمين على عكس بقية المسيحيين في العالم، من هنا تأتي دعوة الكنيسة الأنطاكية وطلبها بعدم زجها والمسيحيين المشرقيين في صراعات ستؤثر سلباً على الوجود المسيحي في الشرق».
وكان بيان المجمّع الأنطاكي قد رحب بالحوار بين الأفرقاء السياسيين في لبنان، وأمل أن يؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية، مناشداً النواب أن «يتحملوا مسؤوليتهم في هذا المجال». ودعا «الحكومة إلى تأمين مستلزمات العيش الحيوية للشعب الذي يعاني على المستويين الإجتماعي والإقتصادي تدهور الخدمات المعيشية الأساسية»، مشدداً «على ضرورة إحترام الحريات العامة التي يكفلها الدستور ولا سيما حرية التعبير التي لطالما ميّزتْ لبنان».