منذ هبوب عواصف «الربيع العربي»، تنوّعت ردود فعل الفنانين تجاه الأحداث السياسية. لكن بات واضحاً أنّ تلك الأحداث فتحت الباب أمام النجوم للبقاء طويلاً تحت الأضواء. أحدث مثال على ذلك احتفال المحروسة بالذكرى الثانية والأربعين لحرب تشرين الأوّل (أكتوبر) عام 1973.
قليلون حرصوا على الصمت تجاه الأحداث السياسية المتلاحقة التي يشهدها الوطن العربي منذ ثورة الياسمين في تونس، وصولاً إلى حراك ميدان التحرير في مصر، ثم ما يجري في ليبيا وسوريا واليمن. أما الباقون، فانقسموا بين مناهضين للحراك الشعبي ومتمسكين بالولاء للأنظمة القائمة وبين متعاطفين مع الثورات ومنحازين لها. الطرفان نجحا طويلاً في البقاء تحت الأضواء، خصوصاً مع الضربات الموجّهة التي شهدها سوق الفن عموماً.
في مصر، باتت الظاهرة أكثر وضوحاً. عدد كبير من النجوم لا سيّما من تقدّموا في السن وباتت فرصهم المهنية ضعيفة، انشغلوا أكثر بالسياسة سواء من خلال إطلاق المبادرات كمحمد صبحي أو التصريحات الساخنة كإلهام شاهين. سلك صبحي وشاهين ومعهما أسماء عدّة في هذا الإتجاه طويلاً، وباتت برامج التلفزيون تشهد استضافة مشاهير للحديث في السياسة التي لا يفقهها معظمهم. النموذج العربي الأكثر وضوحاً على ذلك هو المغني الإماراتي حسين الجسمي الذي بات مدعواً للمشاركة في كل الفعاليات السياسية المصرية (وربّما العربية أيضاً)، لدرجة أنّ أغنياته الموجّهة لمصر باتت أكثر تداولاً من أغنيات المطربين المصريين للمحروسة. جاء الاحتفال الأخير بانتصار المصريين في حرب تشرين 1973 وزيارة الرئيس التونسي القائد باجي السبسي الأولى إلى القاهرة ليؤكدا ذلك بوضوح. وأهدت الإمارات لمصر أوبريتاً اسمه «عناقيد الضياء» في هذه المناسبة. هنا، استوردت هوليوود الشرق للمرّة الأولى المشاركين من المطربين العرب أمثال التونسي لطفي بوشناق، والفسطيني الصاعد بقوّة محمد عساف، وطبعاً الإماراتي حسين الجسمي، إضافة إلى أسماء من أبناء البلد كغادة عبد الرازق وأنغام. وباتت مواقع التواصل الإجتماعي بالنسبة إلى هؤلاء منصات للتعبير عن المواقف السياسية. صحيح أنّ نصر تشرين حدث وطني، لكن عبد الرازق لم تنس توجيه التهنئة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إذ غرّدت قائلة: «كل عام ومصر بخير ورخاء ونصر دائماً يا ريّس». على المنوال نفسه، سارت لطيفة (الصورة) لكن في اتجاهين. مصرياً، هنّأت أهل المحروسة بذكرى النصر عبر إعادة نشر أغنيتها الوطنية «تحيا مصر»، أما تونسياً، فنشرت صورة تجمعها بالرئيس التونسي في القاهرة إلى جانب ثلاث فنانات تونسيات هن هند صبري ودرّة وفريال يوسف.