كان لافتاً تهديد رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مقابلة مع شبكة «سي أن أن» الاميركية أمس، بأن إسرائيل ستتحرك إذا حاول أحد استخدام الاراضي السورية لتهريب «سلاح نووي» الى حزب الله.
لا يخلو التصريح من خطأ في التعبير ارتكبه نتنياهو، إذ كان يقصد بـ «النووي» سلاحاً استراتيجياً نوعياً. مع ذلك، فهو يعبّر عن واقع حال حزب الله وسلاحه، برغم ان الأخير يتواضع في الاقرار بما آلت اليه قدراته، اذ لم يبق امام الحزب الا التزود بالسلاح النووي ليضيفه الى ترسانته، بعدما أقرّ ننتنياهو نفسه، من على منبر الامم المتحدة الخميس الماضي، بأن منظومات دفاع جوي متطورة من نوع «اي اس 22» باتت في حوزته، إضافة الى صواريخ ارض ــــ ارض دقيقة ومدمرة (فاتح 110 بأنواعه)، وصواريخ «ياخونت» الروسية القادرة على استهداف السفن البحرية عن بعد، اضافة الى طائرات هجومية من دون طيار قادرة على اصابة اي نقطة في اسرائيل.
مع ذلك، يمكن اعتبار إقرار نتنياهو ذا دلالات على تغير ميزان القوة بين الجانبين منذ زمن، اذ هددت تل ابيب في الماضي، ولا تزال، بأنها لن تسمح بتجاوز خطوط حمر وضعتها للساحة السورية، وفي مقدمها منع نقل سلاح نوعي الى حزب الله. وهي شنّت، في السنوات الماضية، عشر هجمات على الاقل ضد قوافل قالت انها تنقل نوعاً كهذا من السلاح الى الاراضي اللبنانية. ومع تصريح نتنياهو بات بالامكان القول ان اسرائيل لم تكن تعمل على منع انتقال الاسلحة النوعية الى الحزب، بل كانت تعمل على منع تراكمها وزيادتها عما هو موجود اساساً في حوزته.
وفي السابق، ايضاً، قيل الكثير اسرائيلياً عن اسباب منع انتقال «الكاسر للتوازن» الى حزب الله. الا ان تداعيات انتقال السلاح النوعي باتت محققة، وتحديداً ما يسميه الاسرائيليون تقلص حرية عمل سلاح الجو في الحرب المقبلة في السماء اللبنانية، وايضا الخشية من استهداف السفن الحربية وفرض حصار بحري على الموانئ الاسرائيلية، وايضا حجم تدمير هائل من شأنه ان يخرج قواعد سلاح الجو والمنشآت الحيوية من الخدمة...
كل ذلك بات محققاً. وفي العادة يقول الاسرائيليون ان حزب الله «يحاول» ادخال هذا النوع او ذاك الى لبنان، وفي حال نجاحه فإن تداعياته اخطر من قدرة اسرائيل على التحمل. تصريح نتنياهو انهى كل هذه المواربة، واقر بما لم ترد اسرائيل ان تقر به طوال السنوات الماضية. والأهم في اقراره الاخير، وفي تصريحه «النووي»، انه بات في الامكان ان نفهم، اكثر، احد اهم اسباب منع نشوب الحرب الاسرائيلية المقبلة ضد لبنان. وبات بالامكان ان نفهم اكثر مقولة تل ابيب عن «الردع المتبادل» و»الدمار المتبادل»، ومستوى الخشية من «العتمة المطلقة» في المدن والمستوطنات الاسرائيلية... الصورة باتت اوضح بكثير.