لن ينتظم العام الدراسي الرسمي قبل 10 أيام، أو هذا على الأقل ما يتوقعه مديرون ينصرفون إلى تسيير مدارسهم بالدفع الذاتي. الصفوف لم تكتمل، أمس، في كل المدارس الرسمية، لكنّ المديرين «مشّوها بمن حضر»، عملاً بقرار وزير التربية الياس بو صعب بدء التدريس في 28 أيلول. حصل ذلك في وقت تستمر فيه امتحانات الدخول وأعمال التسجيل حتى 10 تشرين الأول المقبل، بحسب قرار الوزير 863 بتاريخ 22 أيلول الجاري.
يقول مدير إحدى المتوسطات إنّه يضطر في كل عام إلى إجراء 4 امتحانات دخول لاستقبال التلامذة على خلفية أنّ الامتحان هو المخرج لقبول تلميذ أو رفضه «لأنّو بالمدرسة الرسمية ما فينا نقول لحدا روح عالبيت ما منستقبلك، حتى لو كان مستواه التعليمي متدنياً».
هكذا، التزمت بعض المدارس في بيروت موعد بدء العام الدراسي، فلازم التلامذة صفوفهم حتى نهاية الدوام. أما البعض الآخر فصرف تلامذته باكراً بسبب النقص في عدد الأساتذة، باعتبار أنّ الوزير لم يوقّع قرارات المناقلات بعد، فضلاً عن خروج آخرين إلى التقاعد ومغادرة قسم ثالث المدارس إلى الثانويات أو إلى البيت ونشوء حاجات مستجدة للتعاقد. الوزير لم يعط صلاحيات للمناطق التربوية بالموافقة على التعاقد تمهيداً لتوقيع العقود كما كان يحصل سابقاً، بل حصر ذلك به شخصياً بناءً على دراسة واضحة للحاجات طلب إلى رؤساء المناطق أن ترفعها في أسرع وقت ممكن.

الكتاب المدرسي الرسمي سيكون جاهزاً ابتداءً من الإثنين المقبل

مشهد زحمة الأهالي تكرر في أكثر من مدرسة، ولا سيما في الابتدائيات والمتوسطات. السبب الأساسي لذلك هو توجيهات بو صعب بتسجيل أكبر عدد ممكن من التلامذة اللاجئين السوريين من دون قيد أو شرط، وضمن مشروع «كلنا عالمدرسة» لتأمين التعليم المجاني الذي أطلقه في مؤتمر صحافي بحضور ممثلي الدول المانحة. الشرط الوحيد كان تأكيد عدم امكان نقل تلامذة بعد الظهر المخصص لتدريس غير اللبنانيين إلى الدوام الصباحي، باعتبار أن هذا الأمر يحدث إرباكاً وقد يرتب استحداث شعب جديدة وأعباء مالية إضافية، فضلاً عن أن مكان هؤلاء محفوظ ومقاعدهم محجوزة في دوام ما بعد الظهر.
وبعدما كان بو صعب قد اشترط ألا تتجاوز نسبة التلامذة غير اللبنانيين 50% في كل صف، عاد وأعطى تعليماته خلال اجتماع عقده مع رؤساء المناطق التربوية، عشية عيد الأضحى، بامكان رفع نسبة الملتحقين بدوام قبل الظهر إلى ما يفوق الخمسين بالمئة بناءً على إذن خاص في حال وجود غرف في المدرسة مجهزة لهذا الغرض، مع إمكان فتح شعب إضافية لمرحلة الروضة التي تشهد ضغطاً كبيراً من جانب التلامذة غير اللبنانيين.
هذا يعكس ربما عزوف اللبنانيين عن التسجيل في المدارس الرسمية ولا سيما في الحلقتين الدراسيتين الأولى والثانية (من الأول حتى السادس الأساسي).
برغم ذلك، اضطرت الإدارات لعدم استقبال كثيرين في دوام قبل الظهر بسبب غياب القدرة الاستيعابية.
إلى ذلك، ينطلق العام الدراسي وسط تأخير في تسليم الكتب للمكتبات لأسباب تقنية وفنية تتعلق بظروف الطباعة والتوزيع. أمس، حضر ممثلون عن مكتبة الآداب، المكتبة المعتمدة لتوزيع كتاب المركز التربوي، ليبلغوا الإدارات أن الكتب ستكون جاهزة يوم الإثنين المقبل، وسيجري إما تسليمها للمدارس أو إعطاء الأهالي «بونات» لإحضارها من المكتبة، بعدما تقرر أن يؤمن الكتاب للتلامذة (لبناني، سوري، فلسطيني، وغيرهم) في المدارس الرسمية من الروضة حتى التاسع الأساسي مجاناً.
وكانت مصادر في وزارة التربية قد أكدت أن بو صعب نجح في تأمين كلفة الكتاب المدرسي لجميع التلامذة المسجلين في دوام قبل الظهر كما في دوام بعد الظهر على حد سواء، كما أن الوزير أعطى تعليماته على نحو واضح وحاسم لتوزيع الكتاب المدرسي في موعده. مجانية التسجيل والكتب لم تعجب الكثير من المديرين لكون صناديق المدارس فارغة ولا تستطيع الأخيرة أن تؤمن الحد الأدنى من تسيير أمورها اليومية، فيما يجري تأخير مستحقاتها.
خارج سور المجمع التربوي في بئر حسن، يتهافت بعض الأهالي على «فان» كان واقفاً بمحاذاة مدرسة أولادهم. لا تفهم السبب إلى أن تقترب فتجدهم يشترون الزيّ المدرسي و«بيجامات» الرياضة المكدسة داخله كأنها بسطة. «بدلاً من أن نذهب إلى المعمل وندفع بدلات نقل. وهيهات نلاقي طلبنا، هوّي إجا لعنّا»، يقول والد تلميذين. يبدو الرجل مرتاحاً للأسعار، فالمجموعة كلها «قميص وبنطلون وبيجامة» لا تتجاوز 60 ألف ليرة لبنانية، لكن حينما تتحدث مع الوسيط الذي يبيع «الزي» يخبرك عن المضاربات التي تحصل لجهة تلزيم البيع والاتصالات التي يتلقاها بعض المديرين من موظفين في وزارة التربية تجبرهم على قبول هذا الوسيط أو ذاك تحت طائلة «نقل المدير إلى محافظة أخرى»، والأمر نفسه يحصل بالنسبة إلى تلزيم دكان المدرسة، الذي يجري غالباً بالتراضي ولا يخضع للقانون عبر المناقصات.