هو المشهد ذاته يتكرر في ريـال مدريد الإسباني خلال فترات الانتقالات. اعتاد النادي الملكي في الأعوام العشرة الأخيرة تحديداً، أن يذهل المتابعين بصفقات فلكية، لكنه، أيضاً، في المقابل، تمكن من إدهاشهم بصفقات غريبة لا يمكن أن تخطر على بال، وتكون المحصلة في النهاية مغادرة اللاعب بعد فترة وجيزة، وخسارة مادية للنادي كان بالأصل في غنى عنها.
الجديد في هذا المجال كان هذا الصيف وعلى نحو فاضح أكثر من ذي قبل، إذ إن رئيس الملكي فلورنتينو بيريز اكتشف أخيراً (متأخراً طبعاً) أن لا فائدة من استمرار وجود أسيير ايارامندي والبرتغالي فابيو كوينتراو في ملعب «سانتياغو برنابيو»، فقرر إعادة الأول إلى فريقه السابق ريـال سوسييداد وإعارة الثاني إلى موناكو الفرنسي. الا أن عودة ايارامندي ليست أي عودة، إذ إن بيريز باعه بـ 16 مليون يورو بعد أن اشتراه عام 2013 بـ 38 مليون يورو، أي إن الخسارة بلغت أكثر من نصف المبلغ، فيما محصلة اللاعب في الـ»برنابيو» كانت صفراً، وبدا غير جدير بالمطلق بارتداء قميص زعيم الكرة الأوروبية.
وبالنسبة إلى كوينتراو، ارتأى بيريز إعارته أخيراً بعد 4 سنوات من قدومه إلى القلعة البيضاء بعد أن بدا لاعباً عادياً على غير ما خُيّل إلى المدريديين عندما تعاقد معه النادي مقابل 30 مليون يورو، والمفارقة هنا والتشديد على الأخطاء الفادحة في ريـال، أن الصفقة حينها تضمنت انتقال الدولي الأرجنتيني إيزيكييل غاراي، الذي يعد أفضل من كوينتراو كفاءة، إلى النادي السابق للأخير بنفيكا البرتغالي.

بلغت «الصفقات الفاشلة» في عهد بيريز ٢٨ صفقة

وحتى يكتمل المثلث في هذا الصيف، فإن لاعب الوسط البرازيلي لوكاس سيلفا، الذي تعاقد معه بيريز في الشتاء الماضي من كروزيرو مقابل 14 مليون يورو وضجّت به الصحف الصادرة في مدريد عند قدومه إلى المدينة، انتقل أمس معاراً إلى مرسيليا الفرنسي.
قد يقول قائل هنا إنه يحدث أن يفشل لاعب في فريق وحتى قد يكون هذا اللاعب نجماً والأمثلة لا تعد ولا تحصى على ذلك، وبينها الكثير في مدريد، هذا صحيح، لكن الوضع يبدو مختلفاً مع الملكي بخيارات خاطئة في الأساس ولا تُصدَّق على غرار التعاقد مع ايارامندي الذي شكّل ضمّه بصفقة قياسية حينها لريـال مدريد للاعب إسباني صدمة ظلت ملازمة حتى خروجه الصادم أكثر بخسارة 22 مليون يورو، وهذا ما ينطبق على نماذج سابقة على غرار صفقات التعاقد مع الإنكليزي جوناثان وودغايت من نيوكاسل عام 2004 مقابل 20 مليون يورو والبرازيلي جوليو باتيستا من إشبيلية عام 2005 مقابل المبلغ ذاته والأرجنتيني والتر صامويل من روما الإيطالي عام 2004 مقابل 25 مليون يورو، فضلاً عن ضم لاعبين مغمورين مثل الأوروغوايانيين بابلو غارسيا وكارلوس ديوغو عام 2005 والدانماركي توماس غرافسن عام 2005 واستعارة الفرنسي جوليان فوبير عام 2009، وغيرها الكثير من الأمثلة.
وبطبيعة الحال هنا، فإن بيريز «الحاكم بأمره» في البيت الملكي هو من توجّه إليه «الإدانة»، حيث تشير صحيفة «آس» إلى أن «الصفقات الفاشلة» خلال توليه رئاسة النادي بلغت 28 صفقة، بينها 18 لنجوم، هذا من دون التطرق إلى القرارات التعسفية بعدم إعطاء اللاعب الوافد فرصته وضم سريعاً منافس له، أضف إلى بيع هذا النجم المتألق أو ذاك كما الحال مع الفرنسي كلود ماكيليلي والهولندي أريين روبن والألماني مسعود أوزيل والأرجنتيني أنخل دي ماريا، أما صفقة التعاقد بـ 100 مليون يورو مع الويلزي غاريث بايل فتبقى، بحدّ ذاتها، «أم العجائب».