أثار حادث رمي مجهولين قنبلة يدوية، مساء أول من أمس، على مقهى شعبي في حيّ الأميركان في منطقة جبل محسن في طرابلس (أسفر عن سقوط 3 جرحى نقلوا إلى المستشفيات للعلاج)، موجة من القلق في المدينة خوفاً من أن يكون ذلك مقدمة لاهتزاز الخطة الأمنية فيها، بعدما شهدت المنطقة سلسلة حوادث مماثلة.وحسب المعلومات المتوافرة، فإن مجهولين ألقوا قنبلة يدوية على المقهى الذي كان يتجمّع فيه عدد من شبان المنطقة، فانفجرت القنبلة قرب سيارة كانت موجودة في محيط المقهى، ما أدى إلى تضرّرها وتكسّر زجاجها وإصابة ثلاثة أشخاص كانوا داخل المقهى بجروح مختلفة.

وما رفع منسوب القلق في المنطقة أن الحادث ليس الأول من نوعه الذي يستهدفها منذ تطبيق الخطة الأمنية في طرابلس، مطلع نيسان 2014، إذ شهدت في 10 كانون الثاني 2015 استهداف الانتحاريين طه خيال وبلال مرعيان، من محلة المنكوبين المجاورة، مقهى شعبياً وسط جبل محسن، أدى يومها إلى سقوط ضحايا.
ومنذ أيام، شهدت المنطقة تطوّراً أمنياً لافتاً، كشفته التحقيقات التي جرت مع مجموعة متهمين ألقي القبض عليهم، وبينهم قاصرون، من أن مسؤول المجموعة عبد الرحمن الكيلاني، الذي ألقي القبض عليه في مطار بيروت، جنّد أفراد المجموعة بتكليف من المطلوبين شادي مولوي وبلال بدر، وهي قامت بإطلاق النار من سلاح كاتم للصوت على منازل تقع على طرفي خطوط التماس بين منطقتي باب التبانة وجبل محسن، كما كانت تخطط لاغتيال مواطنين من المنطقتين بهدف جرّهما إلى الفتنة وإلى جولات الاشتباكات مجدداً.
مساء أول من أمس، كان موعد حيّ البقار في منطقة القبة المجاور لحي الأميركان، إذ أوضح عضو المكتب السياسي في الحزب العربي الديموقراطي علي فضة لـ"الأخبار"، أن "العناية الإلهية ووجود سيارة قرب المقهى، جنبا وقوع قتلى وإصابات أكثر لأن عدد الموجودين في المكان كانوا نحو 15 شخصاً".
واعتبر فضة أن هكذا حوادث "تسهم في توتير الأجواء في طرابلس، وأتمنى على جميع الأطراف في المدينة ملاقاتنا لقطع الطريق على المصطادين في الماء العكر، لأن هكذا حوادث تشكّل حساسية كبيرة، وتتطلب وعياً كبيراً لمواجهتها".
وبينما تضاربت المعلومات حول من رمى القنبلة والمكان الذي رُميت منه، هل من داخل جبل محسن أم من البقار، وهل هي بسبب خلاف فردي أم تهدف إلى زعزعة الأمن في المدينة، فضّل مصدر أمني التريث في ذلك "إلى حين الانتهاء من إجراء التحقيقات، وخصوصاً مع الجرحى، حتى يُبنى على الشيء مقتضاه".
وكشف المصدر أن "شهوداً عيان أفادوا في التحقيقات الأولية بأنهم شاهدوا شخصاً يرتدي ملابس بيضاء وسوداء هو من ألقى القنبلة وفرّ هارباً"، موضحاً أنه "لا توجد كاميرات مراقبة في المكان للتأكد من الشخص لأن النقطة التي رميت منها القنبلة هي عبارة عن أرض بور مجاورة لحيّ قديم".
وأوضح المصدر بما يتعلق بالمكان الذي رُميت منه القنبلة، أن "هناك احتمالين: الأول أن القنبلة ألقيت من داخل جبل محسن، وهو الأرجح، والثاني أن القنبلة ألقيت من داخل البقار"، من غير أن يستبعد فرضية احتمال ثالث وهو أن "الشخص المشتبه فيه دخل من البقار إلى جبل محسن ورمى القنبلة قبل أن يتوارى، بعدما أصبحت جميع هذه المناطق مفتوحة بعضها على بعض منذ تطبيق الخطة الأمنية. ولكن هذه الاحتمالات تتطلب وجود أدلة حسّية ليست متوافرة لدينا حتى الآن".
هذه الحوادث لم تمنع المصدر الأمني من التأكيد أن "التدابير الأمنية فوق العادة المتخذة في طرابلس، هي التي تمنع تدهور الوضع الأمني مجدداً، وتعطل عمل الخلايا الإرهابية النائمة، بعدما تقلصت كثيراً البيئة الشعبية الحاضنة لها".