تركت قضية النفايات التي عُثر عليها مرمية قبل أيام في مدينة الميناء، في منطقة بور خلف فرع جامعة بيروت العربية في الشمال، تداعيات واسعة خلفها، بعدما تبيّن أن كل الإعتراض الذي أعلنه نواب المدينة وفاعلياتها وناشطون بيئيون عن رفضهم جعل المدينة مكبّاً لنفايات بيروت لم يجد نفعاً، لأن جهات معينة ومستفيدة تجاهلت رفض أهل طرابلس هذا الأمر، وضربت بعرض الحائط مواقفهم الإعتراضية.
فقد كشف شهود عيان لـ»الأخبار» أن الشاحنات التي تأتي إلى طرابلس ومناطق شمالية أخرى مُحمّلة بنفايات بيروت وضواحيها، في ساعات ما بعد منتصف الليل تحديداً، فإن سيّارات ذات زجاج داكن تواكبها من المصدر حتى المكان الذي تفرغ فيه حمولتها من النفايات، ثم تغادر من غير أن يستطيع أحد منعها، بعدما تبيّن أن السيارات المجهولة التي تواكب هذه الشاحنات بداخلها مسلحين.
وأشار هؤلاء الشهود العيان إلى أنهم لاحظوا أثناء عودتهم من بيروت إلى طرابلس خلال الليلتين الماضيتين أن شاحنات نفايات تقوم بتفريغ حمولتها في أماكن متفرقة على طول الطريق بين البترون وطرابلس، وأن بعض هذه النفايات يتم حرقها ليلاً في الهواء على مسافة غير بعيدة عن البيوت، وأن سيارات وأشخاص مرافقين لهذه الشاحنات يقومون بحماية من يقوم بهذا العمل.
ودفع نقل نفايات بيروت بهذا الشكل إلى طرابلس، وتحديداً مدينة الميناء، بمواطنين وفاعليات عدة فيها عن سؤال وزيري طرابلس في الحكومة، وهما أشرف ريفي ورشيد درباس، عن سكوتهما على ما يجري من الإستخفاف بطرابلس وخصوصاً أنهما يقيمان في الميناء على مسافة غير بعيدة عن موقع رمي النفايات؛ وسؤال نواب المدينة الذين سبق لهم أن هدّدوا بقطع الطريق والنزول للشارع لمنع أي شاحنة من الدخول لطرابلس، لمَ بقوا صامتين على ما يجري من إنتهاكات بحق المدينة ويحطّ من كرامتها؟
هذا الصمت جعل ناشطين في «هيئة الحراك الأهلي المستقل» ينفذون إعتصاماً رمزياً أمام سرايا طرابلس «رفضاً لرمي نفايات المناطق الأخرى بشكل عشوائي في شوارع مدينتي طرابلس والميناء»، كما قال الناشط في الهيئة فوزي الفري، وسط لافتات جرى رفعها في الإعتصام تعلن أن «الفيحاء ليست مكبّاً للنفايات».
لكن مفاجأة الإعتصام غير المتوقعة كانت بما سمعه وفد من المعتصمين، كان قد التقى محافظ الشمال رمزي نهرا في مكتبه، ناقلين مطالبهم إليه، إذ نقلت الناشطة الإجتماعية ورئيسة «جمعية دنيا للتنمية المستدامة» ناريمان الشمعة قول المحافظ للوفد بعد إعرابهم له عن رفضهم رمي النفايات في طرابلس والميناء، أن «شاحنات النفايات قد غافلتنا ولم نستطع منعها، وقد أصدرت تعاميم بهذا الصدد، ولكن قوى الأمن الداخلي لم تقم بدورها كما يجب، كما أن هذه النفايات لا يمكن أن نتركها في مكانها، فنقلناها إلى مكب نفايات طرابلس».
ولما سأل الوفد المحافظ، باعتباره أيضاً رئيساً لبلدية الميناء بالتكليف بسبب حلّ البلدية: «ما نفعل؟»، ردّ عليهم: «أنا لا أستطيع أن أفعل شيئاً، إنزلوا أنتم واحملوا السلاح وامنعوا شاحنات النفايات من الدخول!».
كلام المحافظ الذي عدّته الشمعة «تخليا عن المسؤولية»، أوضحت أنه «نفى للوفد الشائعات التي سرت في طرابلس أمس عن اقتراب باخرة محمّلة بالنفايات قرب جزيرة النخيل وهي تحاول رمي نفاياتها في مكب نفايات طرابلس الواقع قرب البحر، ونشرت صورها على مواقع التواصل الإجتماعي، وأن صيّادين شمّوا روائح كريهة تنبعث منها، بعدما أفاد شهود عيان بأنهم رأوا باخرة تحمّل بالنفايات من بيروت لنقلها بعيداً، ونخشى أن يكون المكان الذي تقصده هو طرابلس».