يتعامل حزب الكتائب مع ملف النفايات بطريقة مختلفة عن قوى الرابع عشر من آذار. فهذه الأخيرة تحاول التوفيق بين تحالفها مع تيار المستقبل، وجمهورها الذي يعاني كما بقية الشعب اللبناني من هذه الأزمة. رئيس الحزب النائب سامي الجميّل، رفع صوته عالياً. حدد المسؤوليات، لكنه اكتفى بالمستوى التقني، دون المستوى السياسي. يهاجم «سوكلين»، متهماً إياها بالفساد، لكن من دون أن يمس بالذين منحوها الامتيازات.
«لم نستفق على ملف سوكلين اليوم»، يجزم بعض قيادات الحزب. منذ بداية العام الجاري، بدأ «الشيخ سامي» يُناقش الملف. ورغم غياب التنسيق بين وزيري الكتائب سجعان قزي وآلان حكيم في جلسات مجلس الوزراء، إلا أن الحزب اعترض على دفتر الشروط والمناقصة المعروفة النتائج. في 26 أيار الماضي، أقفل باب العروض «فتبين أنه لم يتقدم أحد للمناقصة إلا في منطقة جبل لبنان الشمالي. عرضنا وقتها حل المشكلة نقطة نقطة، ولكن لم يقبلوا معنا»، يقول أحد مستشاري الجميّل. المحطة الثانية كانت في الرابع من تموز حين «طلبنا أيضاً أن نفضّ العروض في المحافظات حتى ولو لم يتقدم أحد لمناقصة بيروت، فكانت حجة وزير البيئة محمد المشنوق الواهية أنه لا يجوز كشف العروض المالية».
بعد أسبوعين من تكدس النفايات في شوارع العاصمة وضواحيها، التزم حلفاء حزب الكتائب الصمت. تنقل أوساط قريبة من القوات اللبنانية عنها حرجها «لأنها لم تعد قادرة على تغطية تيار المستقبل، فتكتفي بالتنديد على قاعدة أن لا علاقة مباشرة لها بسوكلين». أما الجميّل، فشنّ وفريق عمله حملة على «مسبّبي الأزمة»، لكنه حصر المسؤولية كلها في الشركة، من دون الاقتراب من حليفه الأساسي، تيار المستقبل، الشريك الرئيسي في التسبب بأزمة القمامة. والحجّة، استناداً إلى مستشار الرئيس الجديد، أنه «بيبطّل عنا صديق».

حصر الحزب
المسؤولية كلها بـ«سوكلين» وأغفل دور حليفه الأساسي


على الرغم من ذلك، يُصر أحد أعضاء المكتب السياسي على أنه «في عملية مكافحة الفساد لا يوجد حلفاء». فمنذ البداية «قلنا إننا نريد مكافحته بغض النظر عن هوية الفاسدين، سنقول الحقيقة كما هي». الترجمة لمشروع عمل رئيس حزب الكتائب الجديد تكون «عبر طريقة العمل الجديدة، هذه ليست إلا الافتتاحية». أحد أعضاء فريق عمل الجميّل يبدو أكثر صراحة، وهو يقول إنه «غير صحيح أن آل الحريري والنائب وليد جنبلاط، الذي لم يعد يستحي، هما وحدهما المستفيدان. فمن الذي يُكنس النفايات في زغرتا والبترون؟ من الذي يقوم بالحملات الإعلانية لسوكلين؟ أين كان الرئيس نجيب ميقاتي من كل هذه البلبلة؟ لماذا الرئيس نبيه بري يلتزم الصمت؟ غريب أيضاً كيف أن الوزير نهاد المشنوق ساكت! المشكلة في نظام التشغيل بأكمله».
يحرص عضو فريق العمل على التشديد على أن «مشكلتنا هي مع المكشوفين بالجرم المشهود، أي سوكلين. نحن لا يُمكننا أن نقوم بدور المدعي العام المالي الذي تقع عليه مسؤولية كشف المستفيدين منها».
يعيب البعض أيضاً أن الحزب الذي يرفع لواء اللامركزية، وأخيراً الفيدرالية، رفض وجود مطامر في كسروان أو عين دارة، مشيرين إلى أن فصل المناطق عن بعضها، ولو إدارياً، غير عملي. «غير صحيح. المُشكلة هي في المناطق التي اقترحها وزير البيئة والتي لا تتطابق مع المواصفات البيئية»، يقول مستشار آخر للجميّل. ويوضح أن «عملنا لم يكن اقتراح مناطق لإنشاء مطامر، فالوزير أبلغنا أن لديه لائحة بعدد من الأماكن، فطلبنا منه التنسيق مع اتحادات البلديات المعنية»، إضافة إلى أن «اختيار المناطق جرى بطريقة مُسيّسة. الكسارة في عين دارة مثلاً يملكها جهاد العرب. هي تنفيعة».
تيار المستقبل، الناقم على حلفائه في قوى الرابع عشر من آذار، عبّر من خلال الرئيس فؤاد السنيورة عن استيائه من محاولة الجميّل المزايدة في ملف النفايات: «لا يستطيع أن يقول ما يقوله وهو شريك في الحكومة». عضو المكتب السياسي ينفي أن يكون قد «وصلنا أي عتب من أي جهة، قد يكونون مستائين ولكنهم لم يقولوا لنا شيئاً».
تحرك الجميّل يضعه البعض في إطار الصراع «المسيحي ــــ المسيحي» للسيطرة على الشارع. لا ينكر عضو المكتب السياسي، «ولكن لا نريد ذلك من خلال الشعبوية بل بالممارسة. في كل يوم وعند كل ظرف سنؤكد للرأي العام استقلاليتنا من خلال أفعالنا». يبدو مرتاحاً لناحية «جمهورنا الراضي. أما جمهور الفريق الآخر فنشعر بتفاعله معنا افتراضياً».
من جهته، يشدد مستشار الجميّل على أن الحزب «لا يُفكر حالياً في كيفية الأكل من صحن الآخرين، لأن الملف نعمل عليه منذ أيلول الماضي ولم يتحول إلى مادة للجدال السياسي إلا حديثاً». العمل في المرحلة المقبلة هو «السعي مع اتحادات البلديات لتشجيع الفرز من المصدر ولتعالج كل بلدية نفاياتها بنفسها». الأمر الثابت: «ما رح نروقها».