لم يُقفل سوق السمك المركزي في منطقة الكرنتينا أمس. ومن المتوّقع عدم إقفاله اليوم أيضاً، وفق ما تؤكد الجهات المعنية. يبدو أن قرار إغلاق السوق «ليومين أو ثلاثة كإجراء احترازي الى حين معالجة موضوع النفايات»، حسبما أعلن وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور، أول من أمس، لن يُترجم إلا ابتداءً من نهار الأحد، إذ سيتم إقفاله عند الثالثة عصراً، حتى الثانية من فجر الأربعاء، ليعاد فتحه بعد هذا التاريخ!
فعلياً، سيقفل السوق يوماً ونصف يوم، إذ جرت العادة أن يقفل السوق يوم الاثنين. يقول رئيس نقابة باعة الأسماك عبدالله غزال إنه «تم التوصل الى هذه الصيغة تفادياً للوقوع في الخسائر التي سيتكبدها الباعة إذا ما أُغلق السوق أكثر»، لافتاً الى أن وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور أخذ بالاعتبار هذا الأمر، «وبالتالي هذه الصيغة تنصفنا». إلا أن أبو فاعور عندما أعلن إقفال السوق، اشترط «معالجة موضوع النفايات»، وهو أمر يُستبعد حصوله يوم الأربعاء، وبالتالي ما الفائدة من إقفاله؟
يقول مدير الأسواق الاستهلاكية ياسر ذبيان إنه «سيتم استحداث طريق فرعية تبعد عن مكان الموقف المخصص لوضع النفايات». لكنّ هذا الحل لن يجنّب السوق خطر تراكم النفايات في محيطه، علماً بأن البيئة الموجود فيها «موبوءة» أصلاً قبل «هبوط» النفايات عليه. وبالتالي يغدو الحديث عن إقفال هذا السوق حلاً «سطحياً» (شأنه شأن بقية الحلول المعتمدة في الأزمة) لا يقّدم أي إضافة في مسألة غذائية تهم اللبنانيين جميعاً.
لمن لا يعرف السوق، يشكّل الأخير «المصدر الرئيسي لجميع المسامك والمطاعم في لبنان»، وفق ما يقول غزال. كذلك «هو المصدر الوحيد للسردين البحري اللبناني، ذلك أن جميع الصيادين من الشمال الى الجنوب يودعون لدى السوق يومياً حوالى 15 طناً، توزع على مراكز البيع في المناطق اللبنانية المختلفة»، فضلاً عن أن السوق يشكّل «محطّة» لجميع السمك المستورد من تركيا والسنغال ومصر «التي تتراوح بين 80 و100 طن أسبوعياً».

اشترط أبو فاعور
إقفال السوق حتى «معالجة موضوع النفايات»

وتعرب نقابة باعة الأسماك عن «رضاها» عن الصيغة الحالية، من ناحية «تجنّب الخسائر من جرّاء الإقفال»، إلا أن الواقع يفرض أن يكون النقاش الذي يوازي أهمية تجنب التجار الخسائر الفادحة يدور حول مدى «سلامة» أن يبقى السوق على مقربة من نفايات مكدسة سيضيق بها المكان قبل يوم الأربعاء، وربما قد تمتد حتى «تطال» الطريق الفرعية المستحدثة.
يقول غزال إن النفايات التي يتم وضعها «مكبوسة وموضبة وخالية من أي روائح»، لافتاً الى أن السبب الفعلي للروائح يعود الى «النفايات العشوائية المبعثرة على ضفة النهر، لا من جهة السوق».
الأهم، أن هذه النفايات لا تزال مكدّسة على ضفة النهر بطريقة عشوائية، ولا يستبعد المعنيون في المنطقة أن «تتمدد»، وخصوصاً أن محافظ مدينة بيروت القاضي زياد شبيب كان قد أشار في حديث إلى «الأخبار» الى «مبادرات فردية يقوم بها بعض السكان هناك»، وبالتالي فإن خطر «العشوائية» جدي في ظل العجز عن السيطرة على هذه «المبادرات». هذا الخطر يطال مطاحن «بقاليان» أيضاً التي تبعد أمتاراً قليلة عن الموقف، والتي تنتج بين 35 و40 بالمئة من حاجة لبنان الى الدقيق المستعمل في صناعة الخبز العربي (وفق ما تقول الشركة). ويؤكد مسؤولو الشركة أن «المطاحن لا تزال تعمل بشكل عادي»، لافتين الى «أنه جرى إغلاقها يوماً واحداً كنوع من الاحتجاج»، ومشيرين الى أن الشركة تقوم بالتنسيق مع وزارة الصحة للحفاظ على الجودة المطلوبة.
وكانت نقابة باعة الأسماك قد اجتمعت، أمس، مع ذبيان، بالإضافة الى نقابة أصحاب الشاحنات العمومية في مرفأ بيروت التي جددت مطالبها بـ»البديل عن الموقف الذي أخلي لصالح النفايات»، وفق ما يقول رئيس النقابة نعيم صوايا الذي هدد بقطع طريق المرفأ يوم الاثنين إن لم يتم تسليم العقار البديل المتمثل «بالمساحة التي تضعها إدارة المرفأ بتصرف المتعهّد عبد الرحمن حورية».