لم يشأ رئيس الحكومة تمام سلام ايصاد ابواب تنحيه تماماً. ولا تركها مفتوحة تماما. ترك لها نصف فتحة على ما سماه الخيارات المفتوحة. لا يريد القاء فراغ دستوري على فراغ، ولا المضي في ملهاة خلافات مجلس الوزراء على آلية ادارة صلاحيات رئيس الجمهورية ما دام الشغور مستمراً. تيقن مستمعوه من ان الشغور سيطول مزيداً من الوقت ايضاً، الا ان سلام حسم موقفه بالقول: لست متهورا ولا ومتسرعا. لكن الخيارات الاخرى موجودة.
يوما تلو آخر، يتمسك بعبارة «مقاربة» لا «آلية»، كي يحول دون جعل الخلاف على صلاحيات الرئيس عرفاً جديداً، الجميع في غنى عنه. وهو ما يختصره بالقول: «ما يعنيني استمرار جلسات مجلس الوزراء وعدم وقوعه في التعطيل». لا يجزم بمصير الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، ولا يستبقها. لكنها مشرعة في رأيه على احتمالات شتى من غير الافصاح عنها. يقول: «الخيارات دائما مفتوحة بما يؤدي الى تحمّل المسؤولية والامانة الوطنية». في الوقت المناسب سيكون له الكلام المباشر والواضح والصريح بازاء كل ما يحدث.
في عطلة نهاية الاسبوع، اكبّ رئيس الحكومة على ايجاد السبل الكفيلة بفتح الانوف التي سدتها روائح النفايات في كل احياء بيروت وشوارعها، كما في ضواحيها والقرى والبلدات. على بعد عشرات امتار من منزله في المصيطبة مكبّ مرشح لأن يتحوّل جبلا.
يقول سلام: «تركيز الاهتمام في الساعات الاخيرة مع الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري والنائب وليد جنبلاط كان على ايجاد مخرج يساعدنا على انهاء ازمة النفايات. تمكنا من التوافق مع الجميع على ايجاد مطمر كبير مهيّأ وقادر على الاستيعاب في سبلين، الى مطمر سواه كما في صيدا، ونسعى أيضا الى توفير مواقع اضافية. ثمة مناطق مثل المتن وكسروان اتفق اتحادا البلديات لديهما مع وزير البيئة على تخصيص اماكن حددها الوزير، سيباشر العمل فيها في الساعات الـ24 المقبلة.

في الساعات الـ24 المقبلة،
تسلك الحلول طريقها للخروج من الكابوس الملوث والموبوء

آمل في ان يشق هذا الموضوع طريقه الى النهاية، ويفضي الى النتيجة المتوخاة بهدف فك الكابوس عن المواطنين والبلد. أتفهم غضب الناس ومواقفهم وردود فعلهم وتصرفاتهم حيال ما حصل في الايام الاخيرة، لأنه لا يسع الانسان ان يعيش ويحافظ على وجوده في جو ملوث وموبوء كالذي تراكم اخيراً. آمل في ان تكون الحلول في الساعات المقبلة سلكت مجراها الى التنفيذ، لأننا لا نزال في ظل ازمة اكبر تتطلب معالجة ومتابعة».
الا ان رئيس الحكومة يؤكد ان الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء لا تزال في موعدها، وهو متمسك بالافساح في المجال امام الحلول. يلاحظ ان لا انفراج ملموساً على هذا الصعيد. لا يزال الخلاف نفسه في مجلس الوزراء على آلية ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية. على انه يشير الى انه لم يكن يوما بعيدا من الناس واحاسيسهم ومصالحهم.
يقول: «اي قرار او اجراء او تدبير آخذه، يقتضي ان يأخذ في الاعتبار مصلحة البلاد والعباد في آن. وهو اسلوب عملي على رأس الحكومة، وخصوصا في ظل الشغور الرئاسي الذي انقضت عليه سنة وشهران. ويبدو ان المعطيات السياسية لا تنبىء بحل قريب له بين يوم وآخر. تاليا أبذل جهودي وانا آخذ في الاعتبار معاناة المواطنين الذين بتمسكهم بعدم استقالتي يتحسسون الاخطار التي يقبل عليها بلدنا، ما يتطلب مزيدا من العناية والتروي. لم يُعرف عني تهوري او تسرعي، بل مارست كثيرا من الدراية. من هنا اعتمدت مقاربة عمل مجلس الوزراء في ظل مرحلة استثنائية هي الشغور الرئاسي، ما يتطلب ان تكون متحركة تبعا للمعطيات السياسية. بداية اعتمدنا الاجماع، فذهب بنا الى التعطيل. ثم بدأنا قبل اربعة اشهر مقاربة مختلفة لتفادي التعطيل بتخطي الاجماع الى التوافق، فسحا في المجال امام تسهيل عمل مجلس الوزراء. الا ان هذه المقاربة، على ما يبدو، لم تكن كافية فأدت بدورها الى شل مجلس الوزراء، اي السلطة التنفيذية، اي ادارة شؤون البلاد والعباد».
يضيف: «السلطة التنفيذية عمل يومي لمواجهة الكثير من المشكلات، وهو ما يحملني على تحميل الجميع المسؤولية المترتبة على تعطيل عمل مجلس الوزراء. لولا التعطيل الذي ضرب جلسات المجلس، لكان موضوع النفايات حل قبل وقت، ولما وقعنا في ما نشكو منه الآن. بسبب عدم انعقاد مجلس الوزراء لايجاد حلول لهذه المشكلة، اضطررنا الى التعويل على الاتصالات المباشرة. آمل في جلسة الثلثاء احداث اختراق في التعطيل. الجميع موجود في مجلس الوزراء ما يقتضي في نهاية المطاف ايجاد الحلول المتوخاة، لأن المشكلة تكمن في المجلس وطريقة عمله وتعطيله حتى، فكيف ونحن في مرحلة استثنائية نواجه الشغور الرئاسي؟ لا اريد الخلافات السياسية تدخل الى مجلس الوزراء، لأنه ليس المكان المناسب لمعالجتها. فليحلّوها خارجه. كفانا ازمات سياسية جديدة ومتراكمة».