انتظرناها من عين الحلوة، فجاءت من نهر البارد. ملامح الصراع من تحت الطاولة داخل فتح، ظهرت شمالاً. أخيراً، سجّل حدثان في المخيم الشمالي. الأول، رمي منشور ليل الاثنين حمل توقيع «أحرار المخيمات»، يهاجم كلاً من أمين سرّ إقليم لبنان في الحركة رفعت شناعة وأمين سرها في الشمال محمد فياض. البيان استدعى إطلاق حملة تضامن ضد ما تضمنه المنشور من إساءة شخصية لشناعة خصوصاً، واصفة البيان بالفتنة التي ألقيت تحت جنح الظلام. شناعة نفسه خصص رسالة للرد على «الإساءات لقيادة منطقة الشمال وتجريح بكرامتي وكرامة أسرتي».
وتوجه إلى «من يحملون هذه الأسماء الوهمية»، بالقول: «بياناتهم مأجورة لا يجرؤ أصحابها على ذكر أسمائهم وكشف هوياتهم، ونحن لا ننتظر منكم إلاَّ ما فعلتموه من إساءات لنا، وأعرف أن مسلسل الإساءات الذي تديرونه لحسابات حزبية أو شخصية معينة لن يهزنا».
يبدو شناعة عارفاً بكواليس «أحرار المخيمات»، ويتوقع حلقات أخرى من «مسلسل الإساءات». ردّه على «الأسماء الوهمية» أثار مزيداً من التساؤلات حول المؤامرات التي تحاك بين أجنحة فتح. سريعاً، سجل حدث آخر ليعزز التساؤلات؛ فقد سجلت رابطة الإعلاميين الفلسطينيين «تعرضهم للتهديد» من قبل عناصر تابعين للتيار الإصلاحي في الحركة المحسوب على القيادي محمد دحلان، بعد تداولهم لتقرير نشر على موقع «بيروت أوبزرفر» بعنوان «تسابق بين عباس ودحلان لشراء ذمم سكان المخيمات الفلسطينية في لبنان».
شناعة لم يسمّ أحداً بالاسم، إلا أنه اعترف ضمناً بوجود أشخاص وجهات «حزبية» تقوم بهذه الأعمال، ما يؤكد المعلومات التي تتداولها أوساط فلسطينية وأمنية لبنانية عدّة، في الآونة الأخيرة، عن وجود تحالف فلسطيني ثلاثي يضم دحلان ورئيس الحكومة الفلسطينية السابق سلام فياض وعضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفسطينية ياسر عبد ربه. هذا التحالف «يجمعه هدف واحد، مواجهة سلطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في لبنان وغيره، بعدما استطاع الأخير إسقاط الثلاثي وإبعاده عن جنة السلطة»، تقول المصادر.
تتحدث المعلومات عن صراع لم يعد خافياً بين عباس والثلاثي المعارض له. صراع لا يأخذ طابعاً سياسياً صرفاً، بل يستخدم المال فيه. «الطرفان يستغلان ضيق الحال لسكان المخيمات، لا سيما بعد تقليص الأونروا لخدماتها، من أجل كسب الولاءات وتعزيز كل طرف وجوده داخل المخيمات، وتحديداً داخل فتح».
المصادر لفتت إلى أن عبد ربه الذي منعه عباس من دخول أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، بعدما جرّده من مهماته، «بدأ يحصل على مبالغ مالية كبيرة من الإمارات العربية المتحدة، معقل محمد دحلان الحالي. وتوضع تلك الأموال في حسابه في أحد بنوك الأردن. وقد طلب عباس تجميدها من دون نتيجة».
تلك التطورات أدّت إلى ما يشبه الاستنفار في صفوف فتح في الشمال، وسط خشية كثيرين في الحركة وفي المخيمات الفلسطينية من أن يؤدي هذا التجاذب إلى إضعاف الحركة وشقّ صفوفها، أو دخول أطراف خارجية إلى المخيمات قد تؤثر في استقرارها النسبي من الناحية الأمنية، أو محاولة جرّها إلى صراعات داخلية في لبنان أو سوريا، رغم إدراك كل الأطراف الفتحاوية المتصارعة خطورة الوضع في هذه المرحلة، وخصوصاً بما يعني الوجود الفلسطيني في لبنان.