لا يفترض بحديث رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية عن الخشبة حين سئل في مؤتمره الصحافيّ عن الوزير جبران باسيل أن يخطف كل الأضواء. الزعيم الزغرتاويّ يكتفي بالتفرج منذ سنوات، رابطاً ترشحه إلى رئاسة الجمهورية بانسحاب رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، لكنه تقدم أمس في صياغة برنامج ترشيحه مبلوراً أربع نقاط أساسية:أولها يتعلق بموقعه السياسي. فحين يقول فرنجية إنه «في السياسة منذ 30 سنة، قرارنا من قناعتنا ولم نستلف يوماً مقعداً وزارياً أو نيابياً»، فإنه يرد على الأقربين والأبعدين، مذكراً بحضوره نيابياً ووزارياً بغض النظر عن علاقته بالرئيس السوري بشار الأسد وبمعزل عن الصوت السني أو الشيعي المرجح في غالبية الدوائر الأخرى.

ثانيها يتناول البند الرئيسي على جدول أعمال التيار الوطني الحر اليوم: حقوق المسيحيين. وكان واضحاً سعي فرنجية إلى سحب هذا البساط من تحت التيار عبر قوله إن «ما من مسيحي اليوم ضد حقوق المسيحيين»، مقدماً هدية كبيرة لتيار المستقبل بقوله إن «حلفاء المستقبل ليسوا ضد حقوق المسيحيين». وسرعان ما ولج فرنجية من باب انتقاد الفيدرالية «التي تهجر نصف أبناء عكار ورميش وزحلة وجزين أو تدعوهم إلى إلغاء أنفسهم»، إلى الأهم: «لا يمكننا كمسيحيين القول اليوم لشركائنا إننا نرفض العيش معك». سائلاً: «كيف سيقبل الشركاء بأن يكون رئيس الجمهورية وقائد الجيش وحاكم مصرف لبنان موارنة، في ظل هكذا خطاب؟».
النقطة الثالثة التي يمكن رؤيتها بين الأسطر تتمثل بتقديم تطمينات مباشرة وواضحة، لكل من رئيس المجلس النيابي وتيار المستقبل، بـ»إننا حين نطالب بصلاحيات رئيس الجمهورية، فإننا لا نسمح بكسر صلاحيات باقي الرئاسات». وقد ذهب فرنجية أبعد باتجاه المستقبل حين دعا القائلين إن تيار المستقبل يتطاول على رئاسة الجمهورية بدفاعه عن صلاحيات رئاسة الحكومة إلى تجنب معالجة الخطأ بالخطأ.

قال فرنجية
علانية ما يقوله سراً عن ضرورة تنسيق عون مع حلفائه


رابعاً، بموازاة المضمون التوافقي، أو غير العدائي تجاه المكونات الطائفية والسياسية الأخرى، سعى فرنجية إلى الظهور شكلاً أيضاً بمظهر الزعيم التوفيقيّ حين ربط انتخاب الرئيس أو إجراء انتخابات نيابية أو أي شيء آخر باستبعاد الاختلاف، لأن «الأساس عندي الاتفاق»، مع تنبهه إلى وجوب عدم الوقوع في خطأ غيره حين فسر انفتاحه على الآخرين أو تفهمه لمخاوفهم بأنه استعداد لوضع رجل في البور وأخرى في الفلاحة، مكرراً التذكير بانتمائه إلى خيار سياسي، واضعاً انتخاب رئيس من 8 أو 14 آذار بتصرف التسوية الدولية أو انتصار مشروع على آخر. ومقابل هجوم الجنرال أخيراً على من يواصلون المطالبة بالنزول إلى المجلس النيابي، وبرودة القوات المستمرة تجاه الصرح البطريركي حرص فرنجية على الإشادة بـ»المواقف المبدئية» للبطريرك بشارة الراعي.
على هامش البرنامج الانتخابي، قال فرنجية علانية ما يقوله سراً منذ أكثر من ثلاث سنوات عن وجوب تنسيق الجنرال ــ ولو قليلاً ــ مع حلفائه. وهو لا شك قال هذا الأمر للجنرال مرات، لكنه يقوله اليوم لجمهور التيار: «عندما نُستشار بمشروع سياسي ونتفق عليه نكون أمام التيار كما تعودنا وسنبقى. لكن المطلوب أن تكون القرارات منسقة ومتفقاً عليها، لا أن نتبلغ القرار قبل ساعات. نحن متفقون على الموقف، مختلفون على الوسيلة». وكلام فرنجية السابق ما هو إلا كلام النائب السابق إيلي سكاف والنائب طلال أرسلان والحزب القومي ومرجعيات سياسية ومناطقية وعائلية تتعامل قيادة التيار معهم عبر الرسائل النصية. أما «بومبا» المؤتمر الصحافي فانفجرت حين سأله أحد الحاضرين عن دور الوزير جبران باسيل فأجاب فرنجية بأنه مجبر على التعاطي مع من يكلفه العماد عون حتى ولو كان خشبة. إلا أن البيك الذي يشرح عادة كل عبارة يقولها لم يخبر الرأي العام كيف وأين ومتى أثبت قائد الجيش العماد جان قهوجي: 1. جدارته؛ 2. أنه على مسافة واحدة من الجميع؛ 3. هو أفضل من الفراغ.
بموازاة المؤتمر الصحافي المهم لزعيم المردة، كان هناك قصة أهم في زاوية «قصة وعبرة» على موقع المردة الإلكتروني عن رجل بخيل أوصى زوجته قبل موته أن تضع كل أمواله في النعش معه. وإثر وفاته بادرت زوجته إلى وضع علبة معدنية صغيرة في النعش قبيل إغلاقه. فسألتها جارتها إن كانت قد نفذت فعلاً الوصية، لتجيبها: حولت ثروته إلى حسابي وكتبت له شيكاً بالمبلغ.