تيار المستقبل خرج عن صمته، وبدأت ماكينته الإعلامية بمهاجمة العماد ميشال عون، من خلال اتهامه بافتعال مشكلة في البلد وتعطيل المؤسسات على خلفية «شخصية». أما من الرياض، حيث يجتمع الرئيس سعد الحريري بعدد من معاونيه ومسؤولي تياره، فلم يصدر بعد ما يوحي بأن التيار الأزرق في صدد التراجع أمام هجمة الجنرال ميشال عون.
ولا يزال الحريري يرفض إرجاء جلسة مجلس الوزراء التي دعا إليها الرئيس تمام سلام يوم الخميس المقبل، لإفساح المجال امام إمكان طرح حلول لم يظهر أي منها في الأفق. في المقابل، يصر عون على موقفه: «استعادة حقوق المسيحيين». وبات خصومه وحلفاؤه يقرّون بأن حملته على تيار المستقبل تلقى آذاناً صاغية «في الشارع المسيحي»، حيث يتردد كلام عالي النبرة عن «استئثار تيار المستقبل بالسلطة ورفضه التعامل مع المسيحيين بصفتهم شركاء». لهذه الأسباب، يعبّر المستقبل عن استيائه من حليفيه الرئيسيين، حزبي القوات والكتائب. ينتقد نواب مستقبليون صمت الحليفين تجاه طروحات عون، الذي «يبدو ناطقاً باسم جميع المسيحيين بسبب صمت حلفائنا». وتضاعف استياء المستقبليين أمس بعد الكلام الذي أصدره رئيس حزب القوات سمير جعجع، رافضاً فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، ومطالبته بحصر التشريع بـ»الضروري».

حزب الله يتشاور
مع الحلفاء لفحص إمكان المبادرة إلى تخفيف الاحتقان
وقال نواب من كتلة «المستقبل» لـ»الأخبار» إن جعجع تبنى أمس شعارات عون، وخاصة لناحية مطالبته بوضع جدول أعمال واضح لمجلس النواب في الدورة الاستثنائية، وأن يكون بندا استعادة الجنسية وقانون الانتخاب على رأس الجدول. وفي السياق نفسه، تصل إلى مسامع المستقبليين تأكيدات من محيط جعجع بأن القوات لن تتدخل في حال قرر الجنرال ميشال عون قطع الطرقات للضغط على تيار المستقبل ورئيس الحكومة. وتؤكد مصادر القوات أن جعجع لن يدعو مناصريه إلى تكرار ما فعلوه يوم 23 كانون الثاني 2007، عندما أجهضوا تحرك المعارضة حينذاك، من خلال فتح الطرقات ــ التي أقفلها العونيون ــ بالقوة. وفيما لا يزال الرئيس تمام سلام مصراً على عقد جلسة لمجلس الوزراء، تؤكد مصادر تكتل التغيير والإصلاح المضي في التحركات المعترضة على «التهميش، وخطواتنا العملية هي في انتظار ما ستكون عليه ردة الفعل تجاه الموقف الموحد للمسيحيين». وسيرأس عون اليوم، بعد اجتماع التكتل، جلسة تضم إليه نواب التيار ومنسقي المناطق، لوضع اللمسات الأخيرة على التحضيرات لأي تحرك شعبي يمكن أن تتطلبه المعركة. ويبدو العونيون مرتاحين لمواقف القوات والكتائب، التي على «سلام والمستقبل أن يعيا بعدها أن القضية لم تعد استفراداً بعون، بل استفراداً بالأحزاب المسيحية الأساسية، لأن القاسم المشترك بينها هو المسألة الميثاقية والموقف من صلاحيات رئيس الجمهورية والدورة الاستثنائية لمجلس النواب. وهذا كله يجب أن يعطي صورة حقيقية عن موقف المسيحيين الذي يجب أن يؤخذ في الاعتبار. وصحيح أنه لا تماهي كلياً بين الكتل الثلاث، لكن ما حصل في الساعات الأخيرة عزز مناخاً موحداً». ورغم تفاؤل التيار الوطني الحر بموقف الكتائب، فإن مسؤولي الصيفي يؤكدون أنهم يؤيدون شعار عون، «استعادة حقوق المسيحيين، لكننا نرفض أن يؤسس هذا الشعار لخلاف إضافي في البلد». وتؤكد مصادر الكتائب أن موقفها مطابق لموقف «الجنرال» بضرورة الالتزام بآلية العمل الحكومي التي جرى التوافق عليها في بداية عمل حكومة الرئيس تمام سلام بعد الشغور الرئاسي. أما بالنسبة إلى التحرك العوني في الشارع، فيؤكد الكتائبيون أنهم سيعلنون موقفهم منه فور صدور كلام رسمي من الرابية.
على صعيد آخر، تبدو الأزمة مستفحلة بين الرابية وعين التينة. لا يغفر عون للرئيس نبيه بري «تصديه لاقتراح النائب وليد جنبلاط تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش». ولا يسامح بري عون على «عرقلته انعقاد مجلس النواب». كذلك يطفو على السطح خلاف يبدو عميقاً بين عون والنائب سليمان فرنجية، بعدما أكّد الاخير أن وزير تيار المردة روني عريجي سيوقع مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، وهو التوقيع الذي رأى فيه بري «غطاءً ميثاقياً من جهة مسيحية وازنة للمرسوم». حليف عون الرئيسي، حزب الله، لم يقل كلمته علناً بعد. مصادر قريبة منه تؤكد أن بعض مسؤوليه سيبدأون بإجراء مشاورات مع الحلفاء، لفحص إمكان القيام بمبادرة تخفف من الاحتقان، سواء بين مكونات فريقه، أو بين عون والمستقبل.