القاهرة | سيناريو الاغتيال المعنوي لكل من يعارض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ويوجه له الانتقادات، تكرر قبل يومين مع لاعب الكرة أحمد الميرغني. لكن الهجوم طال هذه المرة كافة أهل النوبة الذين وصفهم المستشار مرتضى منصور رئيس نادي «الزمالك» بألفاظ عنصرية في مداخلة هاتفية أجراها مع برنامج «العاشرة مساء» على قناة «دريم»، ما أقام الدنيا ولم يقعدها ضد منصور الذي عاد واعتذر مساء السبت.
لكن الأزمة لا تزال مستمرة. القصة بدأت يوم الأربعاء الماضي خلال المواجهات الدامية في مدينة الشيخ زويد التي أحدثت بلبلة بسبب التضارب في أعداد شهداء الجيش المصري. حينها، كتب اللاعب على صفحته الشخصية على فايسبوك «بوست» انتقد فيه بحدة السيسي. ورغم أنّ أعداداً كبيرة من الشباب كتبت الرأي نفسه تقريباً سواء في هذه الأزمة أو أزمات سابقة، إلا أنّ الأمر لم يمر بهدوء على الميرغني. اللاعب البالغ 26 عاماً، فوجئ باستبعاده من نادي «وادي دجلة» الذي يملكه رجل الأعمال ماجد سامي ويرأسه الصحافي حسن المستكاوي. تم اقصاء اللاعب من دون تحقيق أو إنذار وحُرم من اللعب في الأندية المصرية بسبب «بوست»، إذ لم يجرؤ أي نادي على طلب خدمات الميرغني بعد ابعاده من نادٍ آخر بتهمة معارضة الرئيس. وفيما انطلقت حملات تضامنية مع الميرغني وهو أصلاً لاعب في نادي «الزمالك»، ذهب اللاعب إلى البرنامج الأشهر في مصر في مجال «إشعال الحرائق الإجتماعية». إنّه برنامج «العاشرة مساء» على قناة «دريم 2». ذهب ليوضح وجهة نظره، طالباً الفصل بين السياسة والرياضة. لكن مقدم البرنامج وائل الإبراشي فتح كعادته الهواء لشخصيات معينة أمطرت الميرغني بوابل من الاتهامات بين الخيانة والعمالة والتعاطف مع الإخوان، حتى جاءت مداخلة رئيس نادي «الزمالك». قال الأخير للميرغني: «أنت بواب وخدام» في إشارة إلى بشرته السمراء وانتمائه لأهل النوبة. واللافت أنّ العنصريين الذين يعايرون نادي «الزمالك» يصفونه بأنه «نادي البوابين» لأنّ معظم أصحاب البشرة السمراء يشجعونه، أي أن مرتضى أهان ناديه وجمهوره قبل أن يهين اللاعب. سريعاً، خرج بيان من الإتحاد النوبي العام يتهم البرنامج ومذيعه وضيفه عبر الهاتف بالعنصرية وعدم احترام الدستور، معلناً تحريك قضاياً مباشرة ضد الثلاثة، فما كان من منصور إلا أن تراجع مساء السبت واعتذر لأهل النوبة، قائلاً إنّه لم يكن يعلم أن الميرغني ينتمي إليهم ووصفه مجدداً بأنه «قليل الأدب». وقال إنّه يعتذر لأهل النوبة لكنه في الوقت نفسه لا يخشى القضايا التي سيحركونها ضده. وأياً كانت نهاية الأزمة سواء بالعفو عن اللاعب بعد تدخل رئاسي أو طرده من المجال الكروي المصري نهائيا، ما زالت برامج التوك شو المصرية وخصوصاً «العاشرة مساء» قادرة على تحويل اتجاهات الرأي العام في مسارات غير ثانوية وتأجيج الصراع بين الطوائف وأصحاب المهن والعرقيات المختلفة عبر تصريحات منفلتة يتعمد الإبراشي الحصول عليها في كل مرة. هو يدرك دائماً أنه سيكون خارج دائرة العقاب فيما انتقادات الرأي العام تذهب دائماً أدراج الريح.