يقول أحد أبناء صفد البطيخ إنه «لم تعد القصّة نزاعاً سياسياً أو حزبياً أو نزاعاً شخصياً على موقع رئيس البلدية. لقد تحول الأمر الى أزمة كبيرة في البلدة، قد تؤدي الى نزاعات بين الأهالي والمقيمين والتجار، لأسباب تتعلق بمصادر النفايات وروائحها الكريهة ومشكلة الصرف الصحي التي باتت مياهه الآسنة تتسرب الى الطرقات في أكثر من حي وشارع»، معتبراً أن «البلدية كانت مشلولة سابقاً بسبب النزاعات الشخصية والحزبية، لكن كان هناك من يؤمن الخدمات الأساسية اللازمة من نفايات وصرف صحي ومتابعة أحوال الكهرباء والمياه.. أما اليوم فقد توقف كل شيء، وترك الآلاف من المقيمين وحدهم من دون أي اعتبار لحاجاتهم الاساسية».
يعيش في البلدة اليوم أكثر من 2500 نسمة من أبناء صفد البطيخ، إضافة الى 1460 نازحاً سورياً، وأكثر من 2000 مقيم ممن اشتروا شققاً سكنية ومحال تجارية فيها، بحسب مختار البلدة محمود زين الدين، الذي شرح أن «عمل البلدية توقف بالكامل منذ 7 أشهر بعد استقالة 5 أعضاء من المجلس البلدي، من أصل تسعة أعضاء، وقد قبل القائمقام والمحافظ هذه الاستقالة، إلا أن المحافظ احتفظ بالاستقالة داخل مكتبه، ولم يرسلها الى وزارة الداخلية، الأمر الذي منع تكليف القائمقام بمهمات البلدية المستقيلة»، لافتاً الى أن «البلدية هي منحلّة وغير منحلة في الوقت نفسه، حتى إن رئيس المجلس البلدي أودع استقالته قبل ثلاثة أشهر، لدى أحد المعنيين في حركة أمل، لكن هذه الاستقالة بقيت محفوظة أيضاً». ويقول المختار زين الدين إن «عدم تكليف القائمقام بمهمات البلدية يعود الى نية حركة أمل الحفاظ على البلدية، كونها محسوبة عليها، لكن خلافاً داخلها على تسمية الرئيس أدى الى شل العمل البلدي بالكامل». ويذهب المختار الى أن «أبناء البلدة تواصلوا مع نواب المنطقة، الذين لم يبذلوا أي جهد يذكر لمعالجة المشكلة، حتى إن الأهالي وجهوا كتاباً الى وزارة الداخلية أشاروا فيه الى أن البلدية تحولت من حركة إنمائية وراعية اجتماعية الى ثقل وعبء يغرقان البلدة في مستنقع الاهمال والتردّي، وطالبوا بتكليف القائمقام بتصريف الأعمال، لكن حتى وزير الداخلية لم يولي الاهتمام لمطلبنا، على الرغم من أن جميع معاملات الناس باتت متوقفة، من بينها رخص البناء ومعاملات الكهرباء والمياه».

استقال 5 أعضاء
من المجلس البلدي من أصل 9 منذ 7 أشهر


وقد ناشد أبناء صفد البطيخ «وزير الداخلية والبلديات بمعالجة المشكلة قبل أن تتفاقم بشكل يساهم في تفشي الجرائم والخلافات بين الناس». ويلفت التاجر حسين ويزاني الى أن «النفايات تتراكم في الشوارع وأمام المحال التجارية، التي من بينها مطاعم ومحال لبيع الحلويات واللحوم، الأمر الذي يهدد الصحة العامّة ويؤثر سلباً في مصالح الناس ويسبب نزاعات بينهم». ويحمّل سليم سعيد زين الدين المسؤولية للأحزاب التي «أفشلت حتى الآن عمل أربعة مجالس بلدية في صفد البطيخ، وهي التي كانت السبب الرئيسي للنزاع القائم في البلدية، والذي أدى الى إهمال مصالح الناس وحاجاتهم على حساب مصالحهم وتطلعاتهم».
يُقدّر عدد المحال التجارية في البلدة بأكثر من 500 محلّ تعلوها شقق سكنية تعجّ بالمقيمين، على خطّ سير طوله 2 كلم فقط، في بلدة صغيرة لها ميزانية محدودة ومعطلة أيضاً، ولا يزيد عدد سكانها المسجلين فيها المقيمين على 2000 نسمة. لكن الأبنية السكنية الجديدة والحركة الاقتصادية الناشطة في البلدة لم تعجب كثيراً أبناء صفد البطيخ المسجّلين فيها، الذين يعتبرون أنفسهم الخاسر الأكبر من التحوّل الذي طرأ على البلدة، لأنّ 90% من التجّار وسكّان الشقق الجديدة هم من خارج البلدة، كذلك تجّار العقارات. وهذا يعني أن المنافع لا تعود اليهم، إضافة الى أن «العجقة» الخانقة وتحوّل البلدة العمراني قضيا على طبيعة الضيعة الهادئة، مع ما يرافق ذلك من استهلاك كبير للطاقة الكهربائية ولحصّة البلدة من المياه، دون أيّ خطّة تنموية ترافق هذا التطوّر الهائل، خاصة في ما يتعلّق بالبنى التحتية وشبكات الصرف الصحّي. يقول حسن زين الدين إن «البلدة تحتاج الى رعاية خاصة، واهتمام مختلف من اتحاد البلديات الذي تنتمي اليه، كونها باتت ملتقى لأبناء المنطقة. وبتوقف البلدية عن العمل وقع أبناء المنطقة في أزمة كبيرة تهرّب منها نواب المنطقة قبل غيرهم. ويرى المختار أن «معالم البلدة الطبيعية تغيّرت بالكامل، ليسيطر عليها طابع المدينة، دون أن يترافق ذلك مع توسيع شبكات الماء والصرف الصحّي والكهرباء؛ فبعض المقيمين فيها حالياً أتوا من بلدات بعيدة، مثل دير الزهراني والشهابية وعيترون وبيت ياحون، والبعض ترك بلدته لأسباب اجتماعية ليسكن ويعمل هنا. لكن أن تترك البلدة دون اهتمام أو رعاية أمر لن نسكت عنه بعد الآن»، واللافت أن بعض المباني التجارية الجديدة لا يوجد فيها آبار جمع المياه، كما هو متعارف عليه في المباني الأخرى، ما يؤدي الى اعتماد السكان على حصّة البلدة من مياه الليطاني، إضافة الى شراء المياه بشكل مستمرّ، وهذا أسّس لمشكلات بين المقيمين وتنافساً حاداً على المياه.