جاء في الخبر الرسمي الموزع عن الإفطار الذي أقيم في الضاحية الجنوبية ليل الثلاثاء، لمناسبة يوم القدس العالمي، أنه جمع شخصيات قيادية فلسطينية ولبنانية من حماس والجهاد الإسلامي وجبهة النضال الشعبي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الشعبية ــ القيادة العامة والجماعة الإسلامية (...).
وعقب الإفطار عقدت جلسة حوار موسعة شارك فيها الشيخ ماهر حمود والشيخ نعيم قاسم ونائب رئيس المجلس السياسي لحماس موسى أبو مرزوق ومسؤول العلاقات الخارجية في حماس أسامة حمدان وممثلها في لبنان علي بركة والأمين العام للجبهة الشعبية ــ القيادة العامة أحمد جبريل». ونقل الخبر عن المجتمعين إجماعهم على أن إيران «كانت وما زالت السند الداعم للقضية الفلسطينية والنموذج الفريد والصحيح للإسلام المحمدي الأصيل والترجمان الحقيقي للوحدة الإسلامية بين جميع المذاهب»، معتبرين أن «هذا اللقاء الجامع في هذه الظروف الصعبة من تاريخ أمتنا بارقة أمل في أن تستعيد الأمة زمام أمورها وتنبذ الحالات التكفيرية الطارئة عليها».
أما في التفاصيل، فالإفطار نظّمه حزب الله والحرس الثوري الإيراني بعنوان (القدس وفلسطين لدى الحرس الثوري)، جمعاً لشخصيات لبنانية وفلسطينية أقامت الصلاة بإمامة حمود. حضور أبو مرزوق وحمدان جاء طبيعياً إلى الضاحية حيث تتمسك حماس بمقرّها الرئيسي. لكن أبرز الحاضرين كان الجماعة الإسلامية التي شاركت بمستوى صف أول، ممثلة برئيس مكتبها السياسي عزام الأيوبي الذي كسر للمرة الأولى، بشكل علني، الجفاء مع حزب الله، الذي فرضته الأزمة السورية. الاهتمام الذي حظي به حضور الأيوبي من قبل أصحاب الدعوة شابهه اهتمام أكبر بصوره إلى جانب قياديين في الحزب والحرس، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن الاهتمام كان سلبياً في البيت الواحد. فقد سجل أداء متعدد الاتجاهات للجماعة، يوحي كأن الأيوبي ذهب من دون علمها أو موافقتها. ففي وقت كان الأيوبي يشرب فيه الشاي في الضاحية، كان عناصر الجماعة يستنفرون ويدعمون مهاجمي مصلى حزب الله في السعديات.

الأيوبي: حاسبونا
إن غيّرنا مبادئنا لا
على لقاءاتنا

أمس، استقبل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص وفداً من المكتب السياسي للجماعة ضم النائب عماد الحوت وبسام حمود وعمر المصري وعمر سراج، لمتابعة حادثة السعديات. على غير العادة، غاب الأيوبي عن وفد المكتب الذي يترأسه، بخلاف التراتبية التنظيمية في الجماعة. قبلها، نقل عن القيادي في الجماعة الشيخ أحمد العمري تعليقٌ على مشاركة الأيوبي في الإفطار. رئيس هيئة العلماء المسلمين الذي زايد على مواقف الهيئة العالية النبرة، توجه إلى الأيوبي بالقول: «اسمح لنا شيخ عزام، فإن تلبيتكم لدعوة إيران وحرسها الشرير الذي أوغل في دماء المسلمين خلاف قناعتكم والمكتب السياسي. وإن تبريركم على قاعدة المصلحة ترجيحاً والمفسدة درءاً أوتخفيفاً ليس مبرراً للجماعة. وأعتقد أن تلبيتكم خطيئة وليس خطأً». وقطعاً للطريق على المزيد من الجدل، نُقل عن الأيوبي خطابٌ نشره عبر خدمة الواتساب، قال فيه: «أدرك حجم الإرباك الذي أحدثه التسريب المقصود لمشاركتي أنا والإخوة في حماس في الإفطار. لو تعلمون ما قاله إخوانكم على الملأ ممن حضروا، لأدركتم أن هذه المشاركة جزء من مواقفنا التي لا نستحي بها. وقد يكون الجلوس معهم ثقيلاً على نفوس الناس، لأنهم لم يعتادوا على المواجهة المباشرة، لكن لا أرى مانعاً شرعياً في ذلك. وعلى الناس أن تحاسبنا إن بدلنا في مبادئنا أو مواقفنا وليس على لقاءاتنا مع هذا الفريق أو ذاك». وأضاف الخطاب المنقول عن الأيوبي: «من يقتلك في سوريا لا يختلف عمّن يقتلك في مصر، وكذلك لا يختلف القاتل المباشر عمن يقتلك بالمال أو بالممالأة».
قد تتعثر الخطوة التالية بين الجماعة ــ الفرع اللبناني لتنظيم الإخوان المسلمين ــ والحزب باعتراض الطرف الأول، لكن هل كانت مشاركة الأيوبي من بنات أفكاره أم بالتشاور؟ مصادر مواكبة أشارت لـ»الأخبار» إلى أن المشاركة انعكاس للتلاقي الذي سجّل بين التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وعلماء مقرّبين من حزب الله وإيران قبل أقل من شهر في بريطانيا، على هامش فعاليات مؤتمر «قيم العدل والأمن والسلام في المشروع الإسلامي» ،الذي نظمه منتدى الوحدة الإسلامية الذي عقد في مؤسسة الأبرار الإسلامية في لندن، علماً بأن الأيوبي ذا الارتباط المباشر بالتنظيم العالمي، يعدّ أبرز المرشحين لخلافة الأمين العام للجماعة إبراهيم المصري في الانتخابات المرتقبة في تشرين المقبل. هذا النوع من التلاقي بين هيئات قريبة من حزب الله وإيران والنظام السوري وقياديين في التنظيم (مقرّه لندن) ليس الأول من نوعه، حتى في ذروة الأزمة السورية.