لم تكد ترفع آثار الإشكال الفردي في حي طيطبا في عين الحلوة قبل أكثر من أسبوع، حتى وقع إشكال فردي آخر في حي الزيب ليل الأحد. السيناريو تكرر. بدأ الإشكال بخلاف شخصي، قبل أن يتطور بسرعة قياسية إلى اشتباك بين مجموعات من فتح و»الشباب المسلم» (بقايا «جند الشام» و»فتح الإسلام»). الشرارة اندلعت بين الإسلامي حسين إفس والفتحاوي وليد البحتي، وتطورت إلى إطلاق نار امتد إلى الشارع التحتاني والأحياء المتفرعة منه.
وبسرعة، تدخلت مجموعات من أنحاء المخيم لمؤازرة إفس. وكما في الاشكال الأول، كان لافتاً سرعة حضور عناصر تابعين لكل من بلال البدر وأسامي الشهابي وزياد أبو النعاج وجمال حمد وهيثم ومحمد الشعبي ورامي ورد وأتباع أحمد الأسير، وانتشارهم وتنسيقهم إطلاق النار والقذائف في اتجاه عناصر فتح. ما يكشف، برأي مصادر من داخل المخيم، أن الإشكالين «استطلاع بالنار واختبار قوة مخطط لهما من قبل الشباب المسلم لاكتشاف ردّ فعل فتح في حال وقوع اشتباك معها في مختلف الأحياء». حي الزيب ليس ضمن مناطق نفوذ الإسلاميين. كثير من سكانه قريبون من فتح. لكن «الشباب المسلم» يحاول «اختراق المخيم لإثبات وجوده وفرض نفوذه كأمر واقع» بحسب المصادر. الاختراق أخذ طابعاً ترهيبياً ذكّر بأسلوب «عصبة الأنصار» في بداية عهدها. فقد عمد عناصر من «الشباب المسلم» إلى إحراق سيارات للمواطنين والتسبب بمزيد من الأضرار في ممتلكاتهم «لإعطاء صورة عن الواقع الذي سينتجه الإشتباك معهم».
ردّ فعل فتح كان بالمرصاد. العناصر القريبة من العميد محمود عيسى (اللينو) التي تصدت لإشكال حي طيطبا، كانت حاضرة في إشكال حي الزيب. «عصبة الأنصار» التي كان يعهد إليها تهدئة الإسلاميين، بدت مكتوفة اليدين في الإشكالين، وكأنها لم تعد قادرة على سحبهم من الشارع، لا بالمونة ولا بالقوة. «الحركة الإسلامية المجاهدة» استُدرجت إلى الإشكال، لا للقتال، بل لتلقي الرصاص. الاشتباك اقترب من مسجد النور في الشارع التحتاني، فأصيب نائبا الشيخ جمال خطاب، أبو إسحاق المقدح وأبو محمد بلاطة، إلى جانب تسعة آخرين من فتح و»الشباب المسلم».
يترقب عين الحلوة الإشكال الثالث. تتوقع المصادر إشكالات متنقلة في أنحاء المخيم، تمتد إلى أحياء جديدة لم يكن لـ»الشباب المسلم» موطئ قدم فيها. ولا تستبعد المصادر أن يكون الإشكال المقبل أكبر من حيث انتشار المجموعات وتوزعها، مستفيدة من خلافات فتح الداخلية ومؤازرة حماس لها والتواصل المستجد لحمزة سليمان (نجل الشيخ جمال سليمان مسؤول حركة «أنصار الله») مع «الشباب المسلم». في هذا الإطار، سجلت زيارة تفقدية لحماس إلى حي طيطبا وقيام جمعية التعاون الإسلامي (رئيسها الصيداوي فادي الشامية القريب من الجماعة الإسلامية وتيار المستقبل) بتوزيع مساعدات تموينية على المتضررين.
حتى ذلك الحين، يسجل صعود سريع لنجم فادي الصالح (يشغل منصب مدير المخيم من قبل الأونروا ومطلوب بمذكرات توقيف عدة) الذي بدأ نشاطه في صفوف العصبة قبل أن يقترب من الإسلاميين أخيراً. مجموعة المقدسي التي شكلها، هي التي افتعلت الإشكال مع الفتحاوي القريب من اللينو عبد سلطان في حي طيطبا. السبت الفائت، دعا إلى وليمة إفطار في قاعة الصفصاف حضرتها فعاليات الحي ورموز الإسلاميين في مقدمتهم أميرهم الروحي جمال حمد والقيادي في العصبة طه الشريدي، ما يشير إلى محاولات لشرعنة حضوره في خريطة المجموعات المؤثرة في المخيم. والصالح على علاقة وطيدة بحماس وحمزة سليمان و»الشباب المسلم»، إلى ارتباطات مع مرجعيات لبنانية سياسية وأمنية.