حتى وقت قريب كانت الثقة تنسج العلاقة بين إدارة المدرسة المعمدانية الإنجيلية وأهالي التلامذة. فالمبنى الذي ارتفع في خمسينيات القرن الماضي في منطقة المصيطبة احتضن خليطاً ثقافياً متنوعاً، بل مثّل «حلماً» لبعض سكان المنطقة لحجز مقاعد فيه لأبنائهم.
تبرق عيون هؤلاء حين يتحدثون عن المدرسة، ولكنهم ما عادوا يخفون الاستياء من زيادة الأقساط (54 % خلال 6 سنوات). هذه الزيادة غير المسبوقة كانت ستمر بهدوء هذه السنة ايضا لو لم يتحرّك اولياء التلاميذ ويلتفوا حول واحد من اعضاء لجنة الاهل الذي خرق هذا العام علاقة التبعية المفرطة لادارة المدرسة.
تبدأ القصّة من ترشّح أحد أولياء الأمور لعضوية لجنة الأهل، اذ كانت اللجنة تتألف «بالمونة» من بين المقربين من إدارة المدرسة. هذا الترشيح دفع «طباخي» اللجنة حينها الى الطلب من أحد الأعضاء الـ17 الانسحاب لمصلحة العضو «الدخيل»، تجنباً لإجراء الانتخابات. اجتمعت اللجنة ووزعت المناصب المقررة سلفاً في ما بينها من دون ترشيحات. ثم ناقشت في جلستها في 18/12/2014 اقتراح ادارة المدرسة زيادة مليون و5 آلاف ليرة على قسط كل تلميذ تشمل سد عجز «مزعوم» في الموازنة يبلغ 483 ألف ليرة لبنانية عن كل تلميذ، والباقي مخصص لاعطاء الهيئة التعليمية سلفة على حساب سلسلة الرتب والرواتب. هذا الاقتراح جاء في سياق اعداد الموازنة تمهيدا لتوقيع لجنة الأهل عليها، إلاّ أنّه لم ينل موافقة بعض أعضاء اللجنة ومنهم العضو المشاكس. وبعد أخذ ورد، جرت تسوية بين إدارة المدرسة ولجنة الأهل تقضي بالموافقة على المبلغ المقترح لسد العجز عن كل تلميذ وتدويره إلى 500 ألف ليرة، على أن يُقسط بين هذا العام (350 ألف ليرة لبنانية) والعام المقبل (150 ألف ليرة)، شرط ألّا تزاد الأقساط في العام المقبل.

إدارة المدرسة
تقول إنها تطبق القوانين 100%


وبناءً عليه، عُقدت الهيئة المالية في 28/1/2015 لدراسة الموازنة إلاّ أنّ جلستها لم تكن قانونية، بحسب بعض الأهالي، إذ حضر مندوب واحد عن لجنة الأهل فيما تنص المادة 13 ـ الفقرة 3 من البند ثانياً في المرسوم التطبيقي 4564 على ان «تجتمع الهيئة المالية في الإدارة المدرسية وتعد جلساتها قانونية كلما اشترك فيها معاً مندوبا لجنة الأهل وأحد مندوبي الإدارة المدرسية». وفي 29 /1/ 2015، أي قبل يومين من انتهاء مهلة تسليم الموازنة الى وزارة التربية، عرض المشروع على أعضاء لجنة الأهل شفاهة أي إنّهم لم يتسلموا تقريراً عنه بحسب ما تنص عليه المادة 10 ـ الفقرة 7 من القانون515 /1996 والتي تنص على «... تنجز دراسة الموازنة في مهلة 10 أيام من تاريخ عرض المشروع ولا يحق لمندوبي لجنة الأهل اتخاذ أي موقف نهائي داخلها قبل الرجوع إلى لجنة الأهل...». وعلى الرغم من هذه المخالفات، أُسقطت المهل وفرضت الموازنة من دون تقرير، ووقّع جميع أعضاء اللجنة المشروع.
ولكن، الأهالي الذين لم يمارسوا دورهم ترشيحاً واقتراعاً لاختيار لجنة الأهل، فوجئوا بالزيادة التي وافقت عليها اللجنة ولم يجدوا أي موجب قانوني لها. باشروا حركة اعتراضية، انطلقت من ارسال رسائل نصية إلى هواتف أعضاء لجنة الأهل يطالبونهم فيها بتحديد موعد للاستيضاح، إلاّ أنّ مطلبهم بقي من دون جواب. عندها تنادى المعترضون للتجمع أمام مدخل المدرسة في 5/3/2015 من اجل لقاء المدير بيار رحال متجاوزين، كما قالوا، أجواء الترهيب التي مورست عليهم، لكنهم خرجوا مرة ثانية، بمزيد من الغموض، فاصروا على الاجتماع بلجنة الأهل لاستيضاح مبررات الزيادة (سد العجز في الموازنة؟). هذا الاجتماع لم يُعقد أيضاً، ما دعا إلى صياغة كتاب وجه إلى اللجنة وقعه ما يزيد على 200 من اولياء الطلاب.
في 14/4/2015، قدّم وفد من أولياء التلامذة استدعاء بالملاحظات للأمين العام للمدارس الانجيلية نبيل قسطا بحضور مدير المدرسة ومحاميها الذي أقر بحق الأهل بالاجتماع بلجنة الأهل ومناقشتها، إذ يدخل هذا في صلب ماهية اللجنة.
في 20/4/2015، اجتمعت لجنة الأهل وكان النصاب مؤمناً، غير أنها لم تبلّغ الأهالي أي جواب عن كتابها برغم مرور ما يزيد على شهر. أولياء الأمور لم يكتفوا بالكتاب الأول، فأرسلوا كتاباً ثانياً في 18/5/2015 إلى اللجنة ممثلة بشخص رئيسها محمود حلبلب، ملتمسين رفع الضرر عنهم وفقاً للمادة 15 من القانون 515/1996، بإلغاء الزيادة على الأقساط المدرسية وتداعياتها بغض النظر عن قانونية الزيادة وقانونية اللجنة من عدمها.
حلبلب ينفي في اتصال مع «الأخبار» أن تكون هناك زيادة في العام المقبل سوى الجزء الباقي من المبلغ الذي وافقت عليه لجنة الأهل وهو 150 ألف ليرة، إلاّ أن بعض الاهالي يقولون ان مراجعة بسيطة للائحة الرسوم المدرسية 2015 ــ2016 تظهر أن مبلغ الـ500 ألف دخل في صلب القسط ولن يدفع مرة واحدة لسد عجز موازنة 2014 ـ2015 بحسب مندرجات محضر لجنة الأهل. فعلى سبيل المثال، كان القسط في صف الروضة الثانية 5 ملايين و350 ألف ليرة عام 2014 -2015 وبات 5 ملايين و850 ألف ليرة عام 2015 ــ2016. علاوة على ذلك، سيجري الزام الأهالي بدفع رسم 100 ألف ليرة يشمل الرحلات المدرسية الاختيارية ويدخل في لائحة الأقساط للعام المقبل، وهو ما لم يرد في محضر لجنة الأهل أيضاً.
المدير بيار رحال والأمين العام نبيل قسطا رفضا الحديث لـ «الأخبار» عن موقف المدرسة من حركة الأهالي واكتفيا بالقول: «إنّنا نطبق القوانين 100%». إلاّ أنّ بعض الأهالي المعترضين دفعوا ثمن حركتهم وتحوّل أولادهم رهائن لإخضاعهم، كأن يقال لأحدهم، الذي لم يطالب سوى بجدولة الزيادة لعدم قدرته على دفعها، إنهم يرون أن ما دُفع من رسوم للعام المقبل دفعة مما بقي من القسط الحالي، وسيكون عليه دفع الباقي، أي إنّ أولاده سيكونون خارج المدرسة إذا لم يسدد بقية المبلغ، علماً بأنهم مسجلون فيها منذ 9 سنوات.
وفوجئ العضو المشاكس بفبركة تقرير وتعهد مسلكي لا يتجاوز التفوق المدون في كراس علامات ابنه فحسب، بل يخالف أيضاً تسلسل الإجراءات المسلكية الواردة في دليل التلميذ. وعندما لم يُقدَّم تبرير لهذا التقرير على نحو علمي ومنطقي، يجيب المدير بأنّ لديه الصلاحية بأن يتجاوز التسلسل ويبلغ الأهل أنه لن يرسل إليهم اشعار دفع رسم التسجيل، ما يعني أن المدرسة ليست ملزمة بقبول ابنهم في العام المقبل. بعد ذلك، أبلغهم قسم المحاسبة أنّه جرى اعتبار رسم التسجيل المدفوع لابنهم الثاني جزءاً من رصيد القسط الأخير الباقي من دون أي تبرير لهذا التصرف، بما يعني أيضاً أنّ المدرسة غير ملزمة بقبول ولدهم الثاني. كذلك أبلغ ناظر المدرسة ولدهم الأول أنّه غير معفى من إجراء امتحانات آخر السنة وفي كل المواد، برغم أن معدله يتجاوز المعدل المطلوب للإعفاء بذريعة التقرير المفبرك، ما حدا بولي الأمر إلى رفع كتاب إلى مصلحة التعليم الخاص طالباً التدخل للتحقيق وابطال الإجراءات والقرارات التعسفية والكيدية وتبديد أجواء الرعب والخوف التي تحيط بالتلامذة، ولا سيما أنّ القانون ينص على تحييد هؤلاء إذا نشأ نزاع بين الأهالي وإدارة المدرسة.
الأهالي بصدد رفع كتاب إلى وزير التربية الياس بو صعب يطالبونه فيه برفع الضرر المادي والأكاديمي عبر وقف العمل بزيادة الأقساط وتداعياتها وحل لجنة الأهل.