فيما الخطر التكفيري يحدق ببعلبك والهرمل حتى البقاع الغربي، اشتعل بعض مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المنابر السياسية على خلفية الإشكال الفردي الذي وقع ليل الجمعة الفائت في بعلبك بين شبان من آل جعفر وآخرين من آل صلح والرفاعي، تدخل الجيش لفضه. عضو «الجماعة الإسلامية»، البيروتي حسام الغالي، تحدث على حسابه على موقع تويتر عن «اشتداد المعارك في بعلبك بين العشائر السنية والشيعية والجيش اللبناني يحاول الفصل بينها».
ثم أعلن «وصول تعزيزات كبيرة من مسلحي طرفي الاشتباكات في بعلبك وتطور الإشكال». وأخيراً أعلن «تشكيل جيش القلعة في البقاع وهي وحدات شيعية تشبه الحشد الشعبي في العراق في بداية فتنة طائفية جديدة في لبنان». ثم أكد أن «الوضع في لبنان في غاية التوتر والعشائر الشيعية تحشد في البقاع الشمالي في محاولة لترويع عرسال، ما ينذر بمعارك طائفية». فلماذا أدى الغالي دور المراسل الحربي الذي يروج لمعلومات مغلوطة في أقل من نصف ساعة، خصوصاً أن متابعي حسابه ليسوا من إخوانه في الجماعة والتيارات الإسلامية فحسب، بل أيضاً في السعودية وتركيا حيث له علاقات واسعة؟

عشائر بعلبك
ـ الهرمل: ثوابت
العيش الواحد وحق الجيرة مع عرسال

على صعيد متصل، تنادى عدد من كوادر الجماعة ومشايخ هيئة علماء المسلمين، منهم رئيسها الأسبق الشيخ عدنان أمامة واجتمعوا في مقر الجماعة في البقاع. باسم القوى والحركات الإسلامية في البقاع، صدر عنهم بيان «حيّا الجيش على الخطوة الحكيمة من خلال تنفيذه خطة انتشار في عرسال»، مطالباً «بخطوات تشعر أهلنا بالاطمئنان وتمنع الاعتداء عليهم من أي جهة كانت». ورأى أن «التهديدات التي أطلقت بحق عرسال يُعَدّ انتهاكاً صارخاً لصيغة العيش المشترك، وهو أحد عوارض امتلاك السلاح غير الشرعي الذي ارتكب أصحابه الجرائم بحق الإخوة السوريين ويخطط اليوم للعدوان على الشرفاء اللبنانيين». واستنكر «الشعارات والبيانات التي تدعو إلى الفتنة المذهبية والاقتتال الطائفي». وطالب الدولة «بالتحرك السريع لمواجهتها ومحاسبة المحرضين عليها».
في المقابل، واصلت العشائر في بعلبك – الهرمل وشرقي زحلة اجتماعاتها تحت شعار «ثوابت العيش الواحد وحق الجيرة مع عرسال». باتجاهها، أطلقت النداءات «لتلاقي أيادي عائلات البقاع مع أهل عرسال لمواجهة ودحر الطاعون التكفيري في جرودها». اللقاءات الشعبية تواصلت في اليومين الماضيين في الهرمل وبعلبك ورياق والعين وعلي النهري وشمسطار، داعية أهالي عرسال «الذين عانوا كما عانينا مع الإرهاب التكفيري، لكي نبقى معاً كما كنا عبر القرون الماضية يداً بيد لدحر التهديد وحفظ الأمن مع رفض قاطع لتدخلات بعض الأطراف وتأمينهم الغطاء السياسي للإرهابيين وتقديم جميع أشكال الدعم لهم للحؤول دون قيام الجيش ببسط سلطته على عرسال وجرودها». النائب كامل الرفاعي دعا أهل عرسال «لحوار جدّي مع الأهل والعائلات بغية الوقوف بوجه الخطر وإخراج الأمر ممن يبحث عن أدوار ويريد الرقص على جراحنا». وتساءل خلال مشاركته في اجتماع عشائر وعائلات مدينة بعلبك عن «الخطوط الحمر التي يضعها البعض على وظيفة الجيش ودوره».
ماذا عن العرساليين أنفسهم؟ لا يخفي أحدهم لـ»الأخبار» وجود استياء لدى عدد «من الظهور المسلح لدى أفراد من عائلات بقاعية». الاستياء يدفع البعض إلى المساهمة في «تلفيقات مذهبية مقيتة، منها أن أهل بعلبك الهرمل سيهاجمون ويذبحون أهل عرسال». في حين أن هناك شريحة من «المقهورين في عرسال يعون أن البلدة لم تكن يوماً طائفية أو سنية، وأنها شاركت في تحرير الجنوب وفيها من يدرك أن داعش وأخواتها خطر فعلي عليها وعلى المنطقة بأكملها. فقد نالوا من العرسالي قبل غيره، فخطفوه وأعدموه ونكّلوا فيه وسلبوا أرزاقه في الجرود».