لم تكن استمرارية «فرقة زقاق» منذ عام 2006، متعلقة بمواجهة الوضع المادي فحسب. تستمد الفرقة المسرحية اللبنانية بقاءها من مكان آخر أيضاً. أعمالها التجريبية التي تبحث في الأساليب والوسائل والأفكار الخاصة بفنون العرض، منحت «زقاق» طابعاً تجديدياً دائماً. واصلت الخلق الفني الجدي، وذهبت نحو استكشاف عناصر وتقنيات وطرق هذا الخلق، أكان من خلال عروضها، أم من خلال «أرصفة زقاق». أرصفتها التي تحولت إلى منصة لتأمين التواصل والتبادل الفني بين فنانين أجانب ومحليين، لم تثنِ الفرقة عن الالتزام الاجتماعي ــ السياسي، وحتى الاقتصادي ضمن قوالب معاصرة قريبة من الفئات الاجتماعية.
هكذا حررت هذا الفن منذ ورشها الاجتماعية والنفسية بعد حرب تموز عام 2006، والعنف ضد المرأة في «ناس بسمنة وناس بزيت» (2014) مع جمعية «كفى»، و«اختر لي بر» (2014) مع اللاجئين الفلسطينيين. أما «فصول مدرسية» الذي قدّمته هذا العام في عدد من المدارس، فتناول العلاقات مع العائلة والمدرسة والسلطات الدينية. لا يهم إن كانت الفرقة اليوم بحاجة لدعم يساعدها على تسديد تكاليف إيجار الاستديو الذي تعمل فيه (منطقة العدلية)، أم تغطية بعض التكاليف الأخرى المتعلقة ببنية وهيكلية العمل. جنيد سري الدين ولميا وعمر أبي عازار وهاشم عدنان ومايا زبيب، إلى جانب محمد حمدان وسمية بري اللذين انضما أخيراً إلى الجمعية، سيلاقون الجمهور عند السابعة والنصف من مساء الإثنين الأول من حزيران في «مترو المدينة» (الحمرا ــ بيروت). الحدث هو النسخة الثالثة من برنامج دعم «زقاق» تحت عنوان «حفل، حفلة، احتفال»، اللقاء الاحتفالي الذي يجمع داعمي الفرقة «للمساهمة في مساعدتها على الاستمرارية في نشاطها والمحافظة على استديو زقاق». «هذا الحدث يعد ضماناً لاستقلالية الفرقة قبل كل شيء، وخصوصاً أن هناك أناساً سيأتون ليدعموا معنوياً ومادياً»، تقول مايا زبيب الممثلة والمخرجة وإحدى مؤسسات الفرقة.
في السهرة، ستقدم الفرقة مقاطع من «أنا أكره المسرح، أنا أحب الإباحيّة» (قيد الإنجاز) باللغة الإنكليزية. أنجزت «زقاق» العرض ضمن إقامة فنية في النرويج، قبل أن تقدمه في الهند. يستند العمل الجديد إلى مسرحيتي إبسن «عدو الشعب» و«أعمدة المجتمع»، مسائلاً الفنان الذي يبيع نفسه لغايات ربحية. يتوقف العرض عند الفرد في المجتمعات المعاصرة، وعند الانتهازية السياسية وفحشائها في الحروب، مقارباً الجسد الأدائي والجسد الإباحي والجسد الجثثي. أنجزت الفرقة هذه السنة «مسافة الطريق» مع طلاب «جامعة هيوستن» في أميركا. كذلك واصلت اهتمامها بالميثولوجيا والفلسفة والسياسة، من خلال «هو الذي رأى» و«الموت يأتي من العيون». جاء العرضان نتيجة بحث فلسفي عن الموت والخلود في إسقاط على الوضع العربي الدموي الممتد من بغداد إلى لبنان. ستقدم الفرقة «الموت يأتي من العيون» في رواندا هذا العام، فيما تعدنا بعرض جديد بعنوان «ستي العرجا» في 7 و8 حزيران (يونيو) في «مترو المدينة» (الحمرا ــ بيروت). جاء العمل نتيجة 15 جلسة مع شبان لبنانيين وفلسطينيين، حيث يسعى إلى مقاربة القضية الفلسطينية، وكيفية تناقلها عبر الأجيال من خلال وجهات نظر الأجداد والشباب.

«حفل، حفلة، احتفال» برنامج دعم «زقاق» في سنته الثالثة: 19:30 مساء الاثنين 1 حزيران (يونيو) ـــ «مترو المدينة» ( الحمرا ـ بيروت). للاستعلام: 76/309363