دمشق | من قبو في حي الروضة، في مدينة جرمانا، ترتفع أصوات أطفال ينشدون: «إذا بقلبك في فرح وحابب تعيش بفرح زقف هيك». تتكرر الأغنية، فتحفّز صرخات الأطفال بعض المارّة على الوقوف لحظات، محاولين سرقة شيء من الفرح من خلف نوافذ القبو. بإمكانات بسيطة استطاعت مجموعة من شباب المركز السوري لحقوق الطفل «سكّر»، تحويل المكان إلى مكان للفرح، وتحويل حقوق الطفل إلى مظلّة وطنية.
وبينما اقتصر نشاط بعض «هيئات المجتمع الأهلي» على مسألة جمع التبرعات، فإنّ هيئات أخرى استطاعت أن تكون جزءاً فعالاً، في محاولة منها إيجاد حلول للأزمات المتفاقمة. ومن ضمن هذا الإطار كانت ولادة المركز السوري لحقوق الطفل «سكّر»، الذي تأسّس في 23 نيسان 2013، ويعمل على إعادة تأهيل الأطفال المتضررين نفسياً من جرّاء الحرب. وبحسب مديرته، نسرين حسن، فإنّ المركز «يتّسم بصفة الحياد، أي انه لا يملك هوية سياسية، وهذه ميزة تمكنه من التدخل مع الأطراف المختلفة، سواء داخل سوريا أو خارجها، لمصلحة الأطفال».

يعمل برنامج «سكّر» على إعادة بناء القيم الإنسانية المتضرّرة بفعل الحرب
وتدعو، حسن، في حديثها مع «الأخبار»، الحكومة السوريّة إلى أن تكون «أكثر مرونة مع جمعيات العمل المدني لأنها الضامن الوحيد لتحييد الشباب عن التطرف»، مضيفةً: «أولوية المرحلة هي إعادة دمج الأطفال المتضررين من الحرب، من خلال تدريب الشباب والأهل، على أساليب حمايتهم». وأكدت أن المركز يقوم اعتماداً على «تبرعات المواطنين العاديين».
ويعد برنامج «سكّر» للتربية الإنسانيّة، أوّل برنامج سوريّ، من نوعه، يعمل على إعادة بناء القيم الإنسانيّة التي تضرّرت بفعل الحرب عند الأطفال، كالصدق، التسامح، اللاعنف، وقبول الآخر. وذلك بغية تعزيز الهويّة السوريّة الجامعة. وقد استطاع البرنامج الوصول إلى 800 طفل في جرمانا والدويلعة، كما استطاع الوصول إلى عائلات متضرّرة، وبيئات تعد حاضنة للتطرف. وتروي رهف، إحدى المشرفات على البرنامج، أنّه «إلى جانب الانتهاكات الجسدية التي يتعرّض لها الأطفال، هناك انتهاكات نفسية. فأحد الأطفال على سبيل المثال، ويدعى يمان، خرج من منطقة جوبر، بينما بقيت والدته محاصرةً هناك، وقد عانى أزمة نفسية لازمته لثلاثة أشهر، لكنه اليوم، وبعد مساعدتنا له، عاد ليرسم بأنامله فرحاً يمحو ما سوّد قلبه. وحالة يمان هي حالة عامّة، أصابت جميع أطفال سوريا».

حمص تتفق على مستقبل أطفالها

وصل «سكّر» إلى مدينة حمص التي عانت ويلات الحرب، وشهدت الكثير من الانقسامات بداية الأزمة، طاولت حتى جمعيات «المجتمع المدني». ولعلّ أوضحها كان الانقسام الحاصل بين جمعيتي «البر» و«النهضة»، لكنّ برنامج «سكّر» وقّع اتفاقية بتاريخ 23 نيسان 2013، تتضمن ورش عمل بين الجمعيتين، لكسر الحواجز بينهما، وتستهدف الوصول إلى 1500 طفل، و1500 أسرة، إضافة إلى 30 مدرسة بكوادرها، وتدريب 100 شاب وشابة على كيفية التعامل مع الأطفال، لإعادة تأهيلهم.