يؤدي المدير العام للمالية العامة آلان بيفاني دوراً بارزاً في الاتصالات الجارية مع إدارة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD وكبار المساهمين فيه، بل هو كان المبادر الى طرح فكرة الانضمام الى هذا البنك بعدما قرر التوسع جنوباً، على أثر اندلاع الانتفاضات العربية في عام 2011، لتشمل عملياته وتمويلاته المغرب وتونس ومصر والأردن.
في عام 2013، وافق وزير المال السابق محمد الصفدي على توقيع رسالة الى إدارة البنك وإعلامها برغبة لبنان في الانضمام الى المساهمين فيه والمشمولين بعملياته وقروضه. وفوّض الصفدي بيفاني بمتابعة الاتصالات في هذا الشأن. ومنذ سنة، اتخذ مجلس الوزراء بتاريخ 16/5/2014 قراراً بالموافقة على طلب وزير المال علي حسن خليل «تفويض وزارة المال تأمين الاتصالات لانضمام لبنان الى هذا البنك والاستفادة من الفرص المتاحة للاستثمار». في هذه الفترة، كثّف بيفاني اتصالاته، إلا أن تحفّظ بعض المساهمين جعل المسار بطيئاً، فضلاً عن أحداث وتطورات كثيرة ساهمت في تأخير الاستجابة، في حين أن البنك فقد جزءاً مهماً من محفظته بسبب الأزمة الروسية ــ الأوكرانية، وهو ما يعدّه بيفاني عاملاً مساعداً لتوسيع عمليات البنك نحو لبنان وغيره من الدول.
يقول بيفاني إن أجواء إدارة البنك إيجابية، إلا أن لمجلس المحافظين، وهو يمثل كل المساهمين، دوراً رئيسياً في هذه العملية. لذلك «نتابع شرح موقف لبنان للدول ذات المساهمات الأكبر، لأننا لا نريد أن ندخل هذه المؤسسة دون دعم من المساهمين الأساسيين، وقد تفاوتت المواقف بين مؤيد بشدة وآخر مؤيد بتحفظ».
يساهم في هذا البنك 64 دولة، بالإضافة الى الاتحاد الأوروبي والبنك الأوروبي للاستثمار. وتتولى وزارات المال تمثيل هذه الدول في مجلس المحافظين، الذي يملك صلاحية قبول عضوية أي دولة وتحديد حصتها من الأسهم. وكانت إسرائيل المساهم الوحيد في البنك من منطقة الشرق الأوسط، قبل توسيع عملياته الى تركيا (2009) والأردن وتونس والمغرب ومصر وكوسوفو (2012) وقبرص ( 2014) واليونان (2015).

اكتسب البنك صفة الخبير في «الانتقال إلى السوق المفتوحة وتحرير الأسعار والخصخصة»


ينشط البنك في الوقت الحالي في أكثر من 30 بلداً من أوروبا الوسطى الى آسيا الوسطى وجنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط.
تأسس هذا البنك في عام 1990 «على عجل»، بحسب ما يرد في التعريف عنه على موقعه على الإنترنت، وذلك لاستغلال لحظة انهيار الاتحاد السوفياتي ودفع البلدان في أوروبا الوسطى والشرقية للانتقال بسرعة من «الاقتصادات الموجهة نحو السوق والمبادرة الخاصة والأعمال الحرة». وقد تركّزت عمليات البنك على تمويل القطاع الخاص «باعتباره المحرك الرئيسي للتغيير»، وهذا ما أكسبه سمعة بصفته خبيراً في «الانتقال إلى السوق المفتوحة وتحرير الأسعار والخصخصة ووضع الأطر القانونية لحقوق الملكية». ويزعم البنك حالياً أنه يدعم تطبيق الديموقراطية والتعددية الحزبية وحماية البيئة والطاقة المستدامة.
يشرح بيفاني أن التوسّع نحو بلدان جنوب حوض المتوسط جاء بناءً على مبادرة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي التي تبنّتها مجموعة الثمانية في مايو 2011 في إطار ما سمّي «شراكة دوفيل». وكان من المتوقع رصد نحو 40 مليار دولار لدعم «الثورات والديموقراطية»، إلا أنه «تم استثناء لبنان من هذا التوسع من دون أي مبرر». يقول بيفاني إن «المساهمين يتعرضون لضغوط مصدرها معروف لعدم التجاوب...الحجج لدينا مقنعة ونحن نسير دون تسرّع الى إقناع من تبقى بدعمنا».
ويرى بيفاني أن «وجود لبنان حول الطاولة مفيد»، وهذا سبب مهم للسعي من أجل الانضمام الى البنك، والوجود فيه على غرار معظم المؤسسات المشابهة كالبنك الدولي وصندوق النقد ومؤسسات التمويل الدولية، يقول «من الضروري أن يكون لبنان موجوداً في كل المؤسسات من هذا النوع، كي يبقى متابعاً لمسائل المالية والتمويلية ومعرفة ما يهيأ».
ويقول بيفاني إن القطاع الخاص في لبنان سيستفيد من تمويل البنك، كما أنه يتيح للدولة خيارات إضافية لتمويل مشاريع البنى التحتية، فالبنك يقدم قروضه للقطاعين العام والخاص، ويشمل نطاق عملياته المؤسسات الجديدة التي تحتاج الى معونة تقنية أو مساهمة في رأس المال، ومشاريع الزراعة والمياه والبنى التحتية والبيئة والطاقة النظيفة وغيرها، كما يوفر المساعدة التقنية للمؤسسات الخاصة والدول على حد سواء.
هذه الحماسة لانضمام لبنان الى البنك تقابلها مخاوف عبّر عنها وفد من منظمات المجتمع المدني في الاجتماع السنوي للبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير في وارسو في 15 أيار 2014، إلا أن الحصانة، برأي بيفاني، تكمن في السياسات التي يجب على الدولة أن تتبناها في مواجهة أي شروط غير مقبولة أو لا تتناسب مع المصلحة العامة.
وكانت شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية قد نظمت الوفد الى الاجتماع المذكور، الذي ضمم ممثلين عن منظمات من مصر والمغرب وتونس والأردن وليبيا ولبنان، وذلك بهدف تسليط الضوء على تدخلات البنك في دول المنطقة العربية والتأثير المحتمل لهذه التدخلات على مسارات التنمية في هذه الدول، بما في ذلك العبء الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي يمكن أن يترتب عن توسيع الاستثمارات وزيادة الديون. وعبر الوفد في هذا الاجتماع عن قلقه إزاء الشهية المستمرة للبنك في تمويل الشراكات بين القطاعين العام والخاص، في قطاعات يراها البنك مناسبة، بما فيها المواقف ومحطات النقل والمياه والنفايات الصلبة، وذلك وسط شبه غياب لإطار تشريعي، ما يجعل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات المحلية بالكاد محمية والمسؤوليات الخاصة بكل طرف في الشراكة تبقى فضفاضة.