في 8 نيسان الماضي، نشرت «الأخبار» تقريراً بعنوان «فارس سعيد في جورة المعّازين: الأمر لي!»، أشارت فيه إلى إصرار مجلس بلدية العاقورة، المدعوم من النائب السابق فارس سعيد، على حفر بركة مياه إضافية في المنطقة المعروفة بـ»جورة المعازين»، رغم أضرارها المؤكدة.
تزامن التقرير مع تحرك بعض الأهالي في اتجاه القضاء والمرجعيات السياسية الحاضنة لسعيد، فتوقفت الأعمال التي بدأتها البلدية رغم تحذير التقارير العلمية من خطورة الحفر في تلك المنطقة، وتأكيد المطلعين أن حفر بعض البرك يستهدف إنشاء مشاريع سياحية حولها من دون لحظ المخاطر المحدقة بدورتي المياه والري والمواسم الزراعية التي أنشئت بحجتها البرك. وكان مستغرباً، بالنسبة الى بعض أبناء العاقورة، حماسة سعيد وفتحه الأبواب الرسمية المغلقة أمام رئيس البلدية ليضمن حفر هذه البركة.

لم يشرح رئيس البلدية كيف سمح بإنشاء البركة رغم تقارير علمية تؤكد خطر ذلك


أمس استيقظ أهالي العاقورة التي تعلو أكثر من 1700 متر عن سطح البحر على طوفان حقيقي بعد انهيار جدار إحدى البرك الضخمة التي أنشئت قبل نحو عام، وسرعان ما اختلطت المياه الهادرة بالأتربة وآليات معمل للحجارة والوحول وآلاف أشجار التفاح التي جرفتها في طريقها من أعالي الجبل. رئيس بلدية العاقورة، سيمون مرعب، لم يشرح لأهالي البلدة وحشد الصحافيين كيف سمحت البلدية بإنشاء هذه البركة ما دام في حوزتها تقرير يؤكد أن هذه المنطقة غير صالحة لإنشاء بحيرات بسبب طبيعة أرضها، وكيف شرع مجلسه البلدي في حفر بحيرة في منطقة مجاورة. حاول مرعب تحميل المشروع الأخضر مسؤولية السماح لصاحب الأرض بإنشاء البحيرة، إلا أن رئيسة مجلس إدارة المشروع الاخضر غلوريا أبو زيد نفت لموقع Greenarea أن يكون للمشروع الاخضر أي علاقة بإنشاء هذه البركة. وذكّرت أبو زيد بتوجيه المشروع، منذ عام 2002، كتاباً الى المراجع المختصة لعدم إنشاء أي بركة في منطقة مار جريم والنبع.
وكان رئيس المجلس البلدي قد قدّر – نظرياً – قيمة الخسائر التي لحقت بالمواطنين بأكثر من مليوني دولار. ودعا هيئة الإغاثة إلى التحرك فوراً، بدل أن يدعو وزارتي الداخلية والزراعة إلى إنشاء لجنة تحقيق لمعرفة من يقف وراء إنشاء هذه البحيرات التي قضت على مئات أشجار التفاح التي يتجاوز عمر معظمها سبعين عاماً، إضافة إلى عشرات شبكات الري والأقنية التي تستغرق إعادة إنشائها أشهراً وربما سنوات، إضافة إلى تعريض الموسم السياحي في العاقورة وقرطبا والقرى المجاورة لخضة حقيقية، لخشية الزوار المحتملين لتلك الأعالي ممّا يمكن أن يفاجئهم هناك. فالمطلوب قبل تعويض الدولة على المتضررين، تحديد المسؤوليات بوضوح، سواء لصاحب البحيرة أو لمجلس بلدية العاقورة أو لوزارات الداخلية والطاقة والزراعة، وتحميل المسؤولين الجزء الأكبر من تكلفة التعويض.
بعد ربع قرن من السرقة الفاجرة، بات خبراً عادياً إنشاء نائب حالي أو سابق بحيرة اصطناعية على حساب الدولة وعدة جهات مموّلة لتجميل منزله أو إفادة أزلامه من مشروع سياحي صغير. لكن الخبر غير العادي الجديد هو تحميل الدولة مسؤولية التعويض على المتضررين من مغامرات هؤلاء.