قبل ثلاثة أعوام، عندما توحدت روابط التعليم الأساسي في رابطة واحدة، راهن المعلمون على منعطف إيجابي نوعي في مسار الحركة النقابية، قوامه رابطة ضاغطة ومتحررة من الضغوط السياسية، ورافعة للحقوق وللتعليم الرسمي في آن واحد.يومها، غاب الانقسام السياسي العمودي عن انتخابات الرابطة، وخاضت اللائحتان المتنافستان معركة « عالمنخار»، وإن ترجمت صناديق الاقتراع أحجام القوى وقدرتها على تجيير الأصوات لمصلحة مشروعها السياسي، وبالتالي سقط الرهان على دور أكبر قوة نقابية ممثلة للمعلمين (20 ألف معلم).

أمس، وفي الدورة الثانية للرابطة الموحدة، فُرضت على المعلمين لائحة معلبة تضم 11 حزباً من 8 و14 آذار وما بينهما، ما دعا بعض الناخبين إلى التندر: «اللائحة لا ينقصها سوى الحلف الأطلسي والتحالف العربي بقيادة السعودية».
هكذا، احتلت لائحة الوحدة النقابية المكونة من أحزاب السلطة المقاعد الـ18 للهيئة الإدارية لرابطة التعليم الرسمي، فيما حازت لائحة القرار المستقل المؤلفة من الحزب الشيوعي اللبناني ومستقلين 24 % من أصوات المقترعين. أنصار اللائحة الثانية يقولون إنّهم سيبنون على هذه النسبة لتغليب الخيار الديموقراطي في العمل النقابي، سواء في بيروت أو في المحافظات.
في المشهد الانتخابي، بات مألوفاً حضور رؤساء المكاتب التربوية لجميع الأحزاب، بما في ذلك مكتب المعلمين في الحزب الشيوعي إلى مركز الاقتراع. ويشرح مسؤول المعلمين في حزب الله يوسف كنعان أنّ الهدف من عدم استثناء أحد هو الوصول إلى عمل نقابي منتج، باعتبار أن الجو التوافقي يقطع الطريق أمام المشاحنات والانقسامات.

حازت لائحة القرار المستقل 24 % من أصوات المقترعين


في مجال آخر، كان لافتاً أن يترشح المعلم المنتمي إلى التيار الوطني الحر غطاس المدور على لائحة القرار المستقل. ينفي أن يكون السبب هو عدم حفظ مكان له في اللائحة الثانية، مشيراً إلى أنّه غير مقتنع بمثل هذا التوافق في العمل النقابي، وإلاّ فلماذا لا تتوافق الأحزاب نفسها على اعطائنا حقوقنا، بالنسبة إليّ هو مجرد ائتلاف يصادر قرار المعلمين».
النقابي انطوان كرباج من حزب الوطنيين الأحرار بقي هو أيضاً خارج التركيبة الائتلافية. ليس السبب أن كرباج يعارض هذا النوع من «التوافق»، فقد كان جزءاً منه في ما سبق، إلاّ أن عدم دعوته للقاءات الحزبية التوافقية دفعه إلى تأليف لائحته الخاصة المسماة لائحة «العمل النقابي الحر»، التي تضمه إلى افلين فارس وماري نجم. يقول لـ «الأخبار» إنّني «أُقصيت لأنني مزعج والأحزاب الأخرى لا تريد مشاكسين، فيما أمارس العمل النقابي منذ عام 1993 ولا أريد أن أشطبه بشحطة قلم».
بعض المعلمين الناجحين في مباراة مجلس الخدمة المدنية عام 2010 والمتمرنين في كلية التربية في الجامعة اللبنانية آثروا تأليف لائحتهم الخاصة التي تضم أسماء متمرنين من اللائحتين وهم: رنيم ضاهر، محمد المصري، غسان دولاني ويوسف الحاج.
يقول ركان فقيه إن «لدينا خصوصية لناحية المطالب، ولا سيما لجهة درجة تعيننا، فمن دفعتنا من عيّن في الدرجة 6، وبيننا من عين في الدرجة 9 وفي الدرجة 15، وهناك 700 أستاذ لا يزالون ينتظرون منذ سنة ونصف سنة الحاقهم بكلية التربية كشرط أساسي لتعيينهم في الملاك، كذلك نتمنى أن يكون للرابطة مشروع نقابي لمواجهة تهميش التعليم الرسمي».
تتفاوت آراء المعلمين في ما يخص خياراتهم الانتخابية، أحدهم بدا واثقاً بأننا «كمعلمين لا نستطيع أن نستغني عن الأحزاب، فجميعنا لدينا مصالح معهم ومن يقول غير ذلك فهو غير صادق، ففي هذا البلد نضطر دائماً إلى أن نستنجد بالأحزاب التي تحل محل الدولة وإلاّ لوصلنا إلى طريق مسدود».
إحدى المعلمات لفتت إلى أنّها تعرف شخصا أو شخصين من اللائحة الائتلافية وقد اختارتها بكاملها لأنها تعتقد أنّ من تعرفهم «بيكونوا درسوا الوضع أكثر منّا!». معلمة ثالثة أكدت أنّه توافق على لقمة الفقير وضرب لحقوقه.
لم تخل عملية الاقتراع من التشطيب وتلغيم اللوائح، بل إنّ التيار الوطني الحر عرض على الملأ لائحة ملغومة تضم مرشحي التيار غسان الغريب والياس الملاح مع لائحة الشيوعي والمستقلين.
وقد اقترع 983 معلماً من أصل 1798 مندوباً، أي إن نسبة الاقتراع لامست 54.67 %، بعدما كانت النسبة 79% في العام 2012. وفاز بعضوية الهيئة الإدارية كل من:
الياس الملاح (تيار وطني حر 632 صوتاً) وعساف الغريب (تيار وطني حر، 689 صوتاً)، بهاء تدمري (تيار المستقبل، 665 صوتاً) ومرفت الشميطلي (تيار المستقبل،631 صوتاً)، محمود أيوب (حركة أمل 689 صوتاً)، حسان صالح (حركة أمل، 661 صوتاً)، كوليت خوري (مستقلة مدعومة من حركة أمل، 671 صوتاً)، حمود الموسوي (حزب الله، 687 صوتاً)، يوسف الحاج (حزب الله، 695 صوتاً)، علي المصري (بعثي مدعوم من حزب الله، 659 صوتاً) منصور العنز (الحزب التقدمي الاشتراكي، 681 صوتاً)، نبيه العنداري (الحزب التقدمي الاشتراكي، 656 صوتاً)، ميشال الشماعي (قوات لبنانية، 663 صوتاً)، خالد حبلص (الحزب السوري القومي الاجتماعي، 617 صوتاً)، سركيس بركات (حزب الكتائب 680 صوتاً)، سميح قليمة (يسار ديموقراطي، 657 صوتاً)، عدنان برجي (المؤتمر الشعبي اللبناني، 673 صوتاً) والفرد فرنجية (تيار المردة، 648 صوت).