أكثر من عبرة يمكن استخلاصها من انتخابات المجلس الإسلامي الشّرعي الأعلى في طرابلس. لم يفز تيار المستقبل في طرابلس والشمال إلا بمرشح واحد مستقبلي صرف من أصل سبعة، برغم تركيبه مع مفتي طرابلس والشمال مالك الشعار لائحة مكتملة (حصة الشمال في المجلس 7).
ما الذي أوصل تلك النتيجة؟ انتخابات طرابلس خيضت على أكثر من جبهة. عدّل المستقبل اتفاقه مع ميقاتي واستبدل المرشح عن الكورة والبترون هاشم الأيوبي بمرشحه بسام الرملاوي (منسق التيار في المنية)، ما أدى إلى فرط الائتلاف بينهما وتحوله إلى معركة كسر عظم. أوساط ميقاتي أكدت لـ»الأخبار» أن المعركة كانت بالنسبة إلى فريقه «إسقاط الرملاوي، ما جعل المستقبل يستنفر قدراته لمواجهتنا». في هذا الإطار، تحدثت كوادر في التيار عن اتصالات مكثفة أجراها الرئيس فؤاد السنيورة وأمينه العام أحمد الحريري مع الناخبين المقربين منهما وحثهم على التصويت للرملاوي وحده.
بدوره، خاض الوزير السابق فيصل كرامي معركة إثبات وجوده ومنع مصادرة قراره. نجحت مساعيه بنجاح مرشحه همّام زيادة الذي لم يكن فوزه فوزاً لكرامي فحسب، بل نكسة للشعار الذي اتهمه «الأفندي» بأنه وقف وراء استبعاده وإسقاطه من الحسابات.
مصادر مطلعة أوضحت لـ»الأخبار» أن الحملة على الشّعار لم تقتصر على كرامي فقط. «السّنيورة وميقاتي والحريري ودريان أرادوا التخلص من عبء الشعار عليهم». دريان على وجه الخصوص توجس من رغبة الشعار في أن يكون نائب رئيس المجلس الشرعي الجديد. لكن طموحه تبخّر بعد خسارة مرشحه منذر ضناوي وفشله في تركيب لائحة توافقية وفوز المرشح الشيخ مظهر الحموي الذي قوبل بحملة شرسة من الشعار.
وجاء نجاح المرشح الشيخ أمير رعد ليشكل عنواناً بارزاً آخر في النتائج. حظي مسبقاً بدعم كبير من النائب السابق جهاد الصمد، حتى جاء خرقه للائحة التي أعلنها تيار المستقبل منفرداً، ليؤكد حضور الصمد القوي في الضنية. نجاحه شكل صفعة للتيار الذي بذل جهده لإسقاطه برغم الدعم الذي لاقاه من مشايخ وعلماء اعترضوا بشدّة على خلو لائحة المستقبل من أي مرشّح معمم.
هذه النتائج لم تشكل فقط ضربة للمستقبل، بل أوقعت دريان في حرج كبير. وإن كان التيار يهيمن على المجلس الجديد عددياً، إلا أن خصومه باتوا حكماً ممثلين فيه. من ميقاتي والنائب محمد الصفدي وكرامي والصمد في الشمال إلى عبد الرحيم مراد في البقاع والجماعة الإسلامية في بيروت وإقليم الخروب والبقاع. فهل اتعظ المستقبل من نتيجة إلغاء الآخرين؟ وماذا عن خصومه؟ هل سيستفيدون من الفرصة التي سنحت لهم فيقيموا تحالفاً سياسياً في ما بينهم لمواجهة التيار في معقل الطائفة السّنية الأكبر في الشمال؟