صنعاء | لقد حصل الأمر فعلاً، وأنجزت جماعة آل سعود وعدها الذي أطلقته في بداية نيسان (أبريل) الفائت على لسان متحدث على قناة «العربية» أكّد أنّهم سوف يغلقون فضائية «المسيرة» التابعة لجماعة أنصار الله، وتبثّ من بيروت على القمر «نايلسات». هم كانوا قد أعلنوا عن نيتهم تلك في الأيّام الأولى لبدء عدوانهم على اليمن، وبعد نجاحهم في إغلاق القنوات اليمنيّة الرسمية الثلاث بدعوى أنها صارت بأيدي جماعة الحوثي، وبطلب من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المقيم حالياً في الرياض (الأخبار 1/4/2015).
لم يكلفهم الأمر شيئاً من أجل إيقاف «المسيرة». مكالمة واحدة من وزير الإعلام السعودي عادل الطريفي باتجاه رئيس الحكومة المصرية، ولاحقاً بقيادة الشركة المصرية للأقمار الصناعية «نايلسات» كانت كافية لإنجاز الغاية المبتغاة (راجع مقال الزميلة زينب حاوي)، إذ يبدو أنّ ارتباط النظام المصري بشكل أساسي بتكوين هيئة تحالف العدوان على اليمن، جعله يمرّر أيّ مسألة تصبّ في صالح نظام المملكة، ما ضاعف من شعور قيادة العدوان بضرورة إغلاق «المسيرة» هي المتابعة التي قدّمتها المحطة ليوميّات العدوان بشكل واضح من الأرض، ناقلةً تفاصيل وصوراً امتنعت فضائيات كثيرة عن بثها.
أمر جعل متابعين كُثراً يعتبرون هذه القناة الشاشة الوحيدة الناطقة بلسان ضحايا العدوان السعودي ومن معه في التحالف. ورغم ملاحظات كثيرة حول أداء العاملين فيها أو الحديث عن مستوياتهم المهنية، إلا أن هذا سيبدو هامشياً أمام بقائهم في صدارة الشاشات التي نقلت صورة الحرب السعودية في اليمن على حقيقتها.
مع بلوغ أصحاب التحالف السعودي غايتهم، تتضح الصورة الآن لتفصح عن رغبة النظام السعودي في مواصلة عدوانه على شعب اليمن، في غياب الصورة والشهود وبطريقة لم تحدث في الزمن الحديث منذ استخدام الكاميرا التلفزيونية في تغطية أخبار الحروب الماضية.

أوقفت «نايلسات» الشاشة الوحيدة التي نقلت صورة العدوان على حقيقته


لقد كان كافياً أن يعلن آل سعود أنّ «المسيرة» قناة فتنة بحسب أحد الناطقين باسم حكومة سلمان على «العربية»، حتى تقرر الشركة المصرية إغلاق بث الفضائية اليمنية. لقد وجدت «نايلسات» أنه لا يحقّ لليمنيين أن يظهروا صور ضحاياهم إلى العلن، ولا يهمّ أن يعرف الناس أنّ حرباً تدار على فقراء يرغبون في أن يرى العالم صورة القتل الحاصل على حياتهم.
كلّ هذا يترافق مع صمت مطبق في وسائل الإعلام المصرية نفسها التي تجنبت الخوض في تفاصيل ما يجري من عدوان سعودي على اليمن والاكتفاء بالحديث عن مسألة الأمن القومي المصري المهدد عبر سيطرة أنصار الله على مضيق باب المندب.
وكان الكاتب والناشط المصري البارز عمرو حمزاوي قد قال في مقال له أمس إنّ السيطرة الإعلامية الظاهرة من قبل السعودية لم تتوقف عند الحالة المرئية، بل وصلت إلى حد أنّ جامعة الدول العربية التي أصبحت إرادة السعودية هي الأوضح سيطرة داخل أروقتها، راحت تبرر «الحرب، ناقلة للخطاب الرسمي السعودي ومتبنيةً لمفرداته من الدفاع عن حكومة اليمن الشرعية». لكن يبدو أن التصعيد السعودي بشأن كتم كلّ الأصوات الإعلامية المعارضة ومطاردتها إنما يشير إلى نية النظام تصعيد مستوى اعتداءاته على أهل اليمن. هو لا يبدو أنّه يتوقف بإعلان حالة الهدنة المتوقع أن تبدأ اليوم.