ليس محسوماً ما إذا كانت التهنئة التي وجّهها الشيخ مالك الشعار للفائزين بانتخابات المجلس الشرعي الأعلى في طرابلس والشمال، أمس، كانت من القلب. لائحة تيار المستقبل السباعية في طرابلس والشمال (ما عدا قضاء عكار) التي روّج لها لدى المرجعيات، منيت بخسارة مدوية. أعضاء اللائحة الزرقاء السبعة التي انفرد التيار بإعلانها، خرقت بثلاثة مرشحين منافسين، فيما ليس بين الفائزين الأربعة الآخرين أي مستقبلي.
وحده بسام الرملاوي، منسق التيار في المنية، شكل حصة المستقبل الصرف.
ملامح الخسارة في طرابلس كانت تتبلور على نحو تدريجي. أسس لها إصراره على الاستئثار بقرار الطائفة السّنية ومصادرة تمثيلها وتعامله مع قوى فاعلة بفوقية. أقدم على تغيير أسماء في اللائحة التي توافق عليها مع الرئيس نجيب ميقاتي في اللحظة الأخيرة. كما حاول فرض مرشح على الوزير فيصل كرامي من دون أن يستشيره. ثم تعمد تجاهل النائب السابق جهاد الصمد كلياً في الضنية. وكرد فعل، تنادت الأطراف الثلاثة وتحالفت لمواجهته.
فبعدما أعلن المستقبل يوم الجمعة الماضي، منفرداً، لائحة التوافق المفترضة، تسارعت وتيرة الاتصالات واللقاءات بين ميقاتي وكرامي والصمد لمنعه من احتكار قرار الطائفة. وعمد كل طرف إلى شدّ عصب قاعدته الانتخابية، ما جعل التيار الأزرق يسعى إلى استلحاق نفسه وحشد ناخبيه، الأمر الذي رفع نسبة المشاركة في الاقتراع إلى أكثر من 91 في المئة (نسبة غير مسبوقة) بعدما صوّت 124 من أصل 136 عضواً يشكلون الهيئة الناخبة.
أهمية هذه الانتخابات دفعت ميقاتي إلى الحضور عند الساعة الثامنة والنصف إلى مقر دار الإفتاء في طرابلس. قبل فتح صناديق الاقتراع بنصف ساعة، عقد اجتماعات متلاحقة، كان أحدها لقاء مع النائب محمد كبارة، ثم غادر بعد اقتراعه من دون أن يدلي بأي تصريح.

فوز صريح لميقاتي وكرامي والصمد وحصة المستقبل عضو واحد



أما كرامي، فكان حريصاً على ردّ الاعتبار لنفسه. حمّل مسؤولية أداء المستقبل تجاهه إلى الشعار الذي يعدّ والمستقبل أكبر الخاسرين في الانتخابات. واعتبر كرامي أن الشعار «هو من تسبب بما آلت إليه الأمور في طرابلس»، معلقاً على النتائج بأنها «أعطتني حقي الطبيعي، وأثبتت أنني جزء سياسي أساسي في طرابلس وبيضة القبّان فيها».
من جهته، واكب الصمد الانتخابات مع أعضاء الهيئة الناخبة في الضنية التي تشكل نحو 35 في المئة من مجمل الناخبين. النتائج أسفرت عن فوز ثلاثة مرشحين من قضاء المنية ــ الضنية، للمرة الأولى في تاريخ انتخابات المجلس الشرعي، مثبتة أن الصمد رقم صعب في القضاء لا يمكن تجاوزه بسهولة.
هذه الأجواء الضاغطة أصابت أوساط المستقبل بالإرباك. فأقدم ناخبوه على شطب أسماء بعض المرشحين في لائحتهم. وهو ما فعله علناً وزير العدل أشرف ريفي الذي أكد «أنني لم ألتزم باللائحة لأنني لست مع الخيار الائتلافي لأنه خيار الضعفاء»، معتبراً أن «تجاربنا مع اللوائح الائتلافية كانت كارثية».
التشاؤم المستقبلي انعكس بوضوح في نتائج الانتخابات التي أسفرت عن فوز صريح لثلاثي ميقاتي وكرامي والصمد. في طرابلس، نال عبد الإله ميقاتي (مرشح ميقاتي) 84 صوتاً، ومظهر الحموي (مقرب من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان) 72 صوتاً، وخلدون نجا (مرشح النائب محمد الصفدي) 58 صوتاً، وهمّام زيادة (مرشح الوزير السابق فيصل كرامي) 55 صوتاً. نتائج غيّبت للمرة الأولى مرشحي تيار المستقبل عن تمثيل طرابلس في المجلس الشرعي.
لم يكن مصير المستقبل في المنية ــ الضنية أفضل. في سابقة أولى، فاز ثلاثة ممن ترشحوا عن القضاء الذي شكا دوماً من إهمال وتهميش شرعيين. فاز أسامة طراد (مرشح اتحاد بلديات الضنية) بـ 77 صوتاً، وبسام الرملاوي (منسق تيار المستقبل في المنية) بـ 67 صوتاً، وعضو المجلس الشرعي المستقيل (مجلس قباني) أمير رعد (مرشح ميقاتي وكرامي والصمد واتحاد بلديات الضنية) بـ 60 صوتاً.