يتوقع أن يحسم هذا الأسبوع مصير التوافق الذي يحكم حكومة الرئيس تمام سلام، إذ ينتظر العماد ميشال عون الرد النهائي من الرئيس سعد الحريري في شأن التعيينات الأمنية، وهو رد يفترض أن يحمله مدير مكتب الحريري، نادر الحريري، الى وزير الخارجية جبران باسيل في الأيام القليلة المقبلة.ووفقاً لآخر صيغة طرحت على الحريري، سيصار الى تعيين قائد جديد للجيش اللبناني، والمرشح الأوفر حظاً هو العميد شامل روكز، على أن يعين مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي واحد من مرشحين، هما العميدان سمير شحادة وعماد عثمان، مع أفضلية للثاني.
وحسم مصير التوافق مرده الى كون العماد عون أبلغ من يهمه الأمر أنه في وارد اللجوء الى خطوات لتعطيل أي قرار حكومي بالتمديد لقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، من بينها استقالة الوزراء من الحكومة. وهو أثار الأمر في لقاء الخميس الماضي مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي ناقش مع عون كل الاحتمالات وآليات المواجهة، وانتهى نصر الله الى القول لعون: «نحن سنكون معك وإلى جانبك».

وكان اللقاء قد عقد في حضور باسيل والمعاون السياسي لنصر الله الحاج حسين خليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا. وقد أشار البيان الرسمي الصادر عن الجانبين الى أنه تم «استعراض الأوضاع التي يمر بها لبنان والمنطقة، ولا سيما خطر الإرهاب التكفيري الذي بات يهدد كل المنطقة، وشددوا على ضرورة مواجهته بكل الوسائل، حماية للبنان واستقراره. كما بحثوا في الاستحقاقات الداخلية، وفي مقدمها الرئاسة الأولى، وتناولوا مختلف الشؤون المحلية».
وقالت مصادر المجتمعين إنه «كان هناك توافق تام على كل الخيارات التي يمكن أن تؤخذ»، وإن اللقاء تخلله اتفاق على «كل الملفات وإننا قادمون على مرحلة جديدة، بسبب طريقة تعاطي شركائنا في الحكومة مع الملفات المطروحة. وإذا سلّمنا جدلاً بأن رئاسة الجمهورية شأن أكبر من اللبنانيين، فلماذا ينبغي أن ينسحب ذلك على الملفات الأخرى؟ ولماذا ينبغي أن تكون هناك حكومة أصلاً إذا كانت غير قادرة على حلّ ملفات داخلها؟ وكيف يمكن لمن لا شرعية له أن يعمل على فرض الشرعية على الأرض؟».
وقالت المصادر إن عون «عرض مطولاً لعناوين كثيرة، وإنه لم يعد يحتمل تلاعب الفريق الآخر، وإنه مستعد للذهاب بعيداً وإن كل الخيارات مطروحة أمامه لمواجهة المرحلة المقبلة». وخلصت الى التحذير: «الله يستر إذا أخطأت الحكومة في ملف التعيينات الأمنية».
يشار الى أن الحريري كان قد تذرع سابقاً بأن موقفه من التمديد لقادة الأجهزة مرتبط بموقف الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، علماً بأن عون أبلغه لاحقاً أنه لا يمانع أن يقول كل طرف رأيه، لكن داخل جلسة الحكومة. واقترح على الحريري أن ينعقد مجلس الوزراء ويصار خلاله الى اقتراح التعيينات الجديدة، وعندها يظهر من هو مع التعيين ومن هو مع التمديد.
وكان باسيل قد أشار أثناء جولة في قرى وبلدات قضاء راشيا أمس الى أن «بعض المشاريع التي نقوم بها تفشل كالكهرباء، والبعض الآخر لا يزال متوقفاً كمشروع النفط والسدود وخط الغاز»، سائلاً «ما نفع الحكومة إذا لم تخصص وقتاً لتلك الملفات وتحلّها؟»، ولافتاً الى أن «الحكومة تعمل على صفقات بالتراضي، وتتجاهل التعيينات الأمنية المهمة».
من جهته، أكّد العماد عون، في كلمة لمناسبة مرور 12 عاماً على انطلاق موقع «التيار» الإلكتروني، أن «استمرار النهج الممارس حالياً من محاولات إقصاءٍ ومعادلات قوةٍ لا يبني وطناً، ويدفع الجميع الى التشبثِ بمواقفهم من دون مساومةٍ أو تنازلاتٍ، لأنها تصبح السبيل الوحيد لضمان الموقع والوجود والاستمرارية. ولا يراهنّن أحدٌ على الوقت لإحباط عزيمة الآخر». وأشار الى أن بعض الأطراف وضعت لبنان في مكاتب المراهنات الإقليمية، وصار المراهنون يعوّلون على ربح محور سياسي وخسارة آخر، وربطوا حراكهم السياسي وجميع قراراتهم بهذه الرهانات، وهي عقيمة بكاملها، لأن جميع من يلعبون لعبة المراهنة على الخارج في لبنان سيصبحون في الخارج».

جنبلاط في لاهاي

الى ذلك، يمثل النائب وليد جنبلاط، أمام المحكمة الدولية للإدلاء بشهادته. بدءاً من اليوم وحتى الخميس. وقال مواكبون للملف إن جنبلاط تلقى نصائح بتجنب الإدلاء بمواقف وذكريات استفزازية، ولا سيما تجاه حزب الله كما فعل الرئيس فؤاد السنيورة. لكن المصادر ذاتها لا تضمن ألا يصل إلى الحزب «طرطوشة».
وكان جنبلاط قد وجّه «التحية الى فصائل المعارضة السورية على الانتصارات التي حققتها وتحققها على النظام السوري، ولا سيما في منطقة إدلب» معتبراً «أن الخيار الوحيد، الصائب والمتاح، أمام الشعب العربي السوري ومنه العرب المسلمون الموحدون الدروز هو الانحياز الى جانب أبناء شعبهم وحريتهم والانضمام الى ركب الثورة لأجل سوريا جديدة عربية وديموقراطية كما فعل أبناء إدلب الذين يعيشون بكرامة في أرضهم وبين شعبهم وفي ظل ثورتهم التي تعرف كيف تحافظ عليهم كمكون أصيل من هذه الثورة». وقال «إن أي كلام آخر أو نداءات أخرى لا تعبر عن حقيقة الأمور ولا تقع في موقعها الصحيح لا يجب أخذها بعين الاعتبار».