تبدو الدولة جادة أكثر من أي وقت مضى في الحفاظ على الحدّ الأقصى من الهدوء الأمني، والقيام بخطوات استباقية على امتداد الأراضي اللبنانية، في ظلّ المحيط المتفجّر واحتمالات توسّع النشاط الإرهابي إلى الداخل اللبناني. وعليه، فإن قرار اعتقال أحمد الأسير يبدو على سلّم أولويات الأجهزة الأمنية، وعلى رأسها استخبارات الجيش، التي أرسلت قوة من بيروت لتنفيذ توقيفات ومداهمات لأنصار الأخير في صيدا، لا سيما في شرحبيل، فيما انتدب فريق من وزارة الدفاع خصيصاً للتحقيق مع الموقوفين في الأيام الماضية في ثكنة زغيب في صيدا.
وعلى ما تسرّب من معلومات، فإن «طرف الخيط» للوصول إلى الأسير سلّمه «الشيخ الأسير الثاني»، الموقوف خالد حبلص، لاستخبارات الجيش، بعد سلسلة اعترافات «دسمة» أدلى بها خلال التحقيق معه.
مصادر أمنية مواكبة أشارت لـ«الأخبار» إلى أن «دور الأسير قد حان»، لافتة إلى أنه «لا يزال متوارياً في صيدا ولم يدخل إلى عين الحلوة مجدداً». إلّا أن الخيوط التي جمعتها استخبارات الجيش مؤخراً، رسمت مشهداً جديداً لنشاطه، إذ إن «جيلاً جديداً من الأسيريين قد نما في الآونة الأخيرة». وبالنظر إلى أسماء الموقوفين، يظهر أن معظمهم حديث السمعة ولم يكن له دور ظاهر في مرحلة ما قبل معركة عبرا.
وخلال العامين الماضيين، لعب كل من الموقوف حسن الدغيلي والمطلوب معتصم قدورة (لجأ إلى هيثم الشعبي في عين الحلوة) دوراً في جذب مناصرين جدد، مبتعدين عن المشتبه فيهم ومن احترقت أسماؤهم لدى القوى الأمنية. وكان الدغيلي وقدورة قد جمعا ما بقي من سلاح وذخيرة لدى الأسيريين بعد معركة عبرا، ونقلوه إلى شقق في شرحبيل تمهيداً لاستخدامه مجدداً. أما بالنسبة الى زوجة قدورة، أمل شبو، فقد أبقاها الجيش تحت المراقبة، على أن يستدعيها مجدداً لاستكمال التحقيق معها عن لقائها بالأسير، برفقة زوجها، واطلاعها على ما كان يخطط له من أعمال إرهابية في صيدا. وأوضحت المصادر أن زوجة الأسير الثانية أمل شمس الدين «ليست متوارية لأنها ليست مطلوبة للعدالة». وتقيم شمس الدين مع زوجة الأسير الأولى ووالديه في صيدا ويتابعون حياتهم بشكل طبيعي. أما أولاده، فقد شوهدوا قبل أشهر قليلة في عين الحلوة مع شقيقه أمجد.
ويتركّز النشاط الأمني، بحسب المصادر، على جمع المعلومات والتحقيقات حول «المحرك الجديد» للأسيريين، إذ تستبعد المصادر أن تسمح الظروف الحالية للأسير بالتواصل والتحرك مع القاعدة، لإنشاء خلايا جديدة، مشيرةً إلى أن «الأرجح أن المحرك جهة خارجية».

المشنوق: رومية ليس مسؤولية وزارتي وحدها

وليس بعيداً عن الأمن الوقائي وتنظيم السجون، حسم وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أمس، الجدل والاتهامات التي كيلت له وللقوى الأمنية عن ارتكاب تجاوزات بحقّ الموقوفين والمحكومين في سجن رومية، خلال حركة التمرّد الأخيرة الأسبوع الماضي. وعرض المشنوق في مؤتمر صحافي في الوزارة مقاطع فيديو سجّلتها كاميرات من داخل السجن، تظهر المساجين أثناء إعدادهم لأعمال الشغب والاعتداء بالضرب على العناصر الأمنيين واحتجازهم كرهائن. «كل ما قيل من قبل أهالي السجناء الإسلاميين هو إما لعدم معرفة كاملة بالوضع في السجن أو استرضاءً لناس يعتبرون أنهم يخدمونهم بالسياسة أو بالانتخابات»، جزم المشنوق في تفسيره لـ«الانتفاضة الطرابلسية» ضده من قبل أهالي السجناء الإسلاميين وعدد من نواب المستقبل.

جهة خارجية وراء النشاط المستجد للأسيريين ودور الشيخ الفار «قد حان»

وظهر في مقاطع الفيديو كيف انقضّ السجناء على أحد الحراس وسرقوا مفاتيح الزنازين وفتحوا أبواباً وخلعوا أخرى، وكيف اقتادوا حارساً آخر من الباحة وجرّدوه من بزته العسكرية واحتجزوه، ثمّ حطموا محتويات السجن، لا سيما المستوصف الميداني الذي كلف تجهيزه 196 ألف دولار. وأوضح المشنوق خطّ سير المفاوضات التي قادها الضباط مع السجين خالد يوسف، أبو الوليد، حتى اتخاذ القرار باقتحام المبنى «لمنع تحويل المبنى «د» إلى مصيبة كبرى كما كان المبنى «ب»». ولفت إلى أن «المصابين من السجناء خلال الاقتحام عددهم 21 سجيناً تابعوا علاجهم، من أصل 111 قيل إنهم تعرضوا لكدمات بسيطة، وأصيب 11 عنصراً»، مؤكّداً أن هناك «تحقيقاً عسكرياً، بالإضافة إلى تقرير يجريه الصليب الأحمر الدولي حول حقيقة ما حصل».
ورفض وزير الداخلية تحميل الوزارة عبء أزمة السجون ورومية تحديداً، «هذه الأزمة عمرها 50 سنة»، واضعاً جزءاً من المسؤولية في عهدة القضاء، «60 في المئة من السجناء، أي 1300، موقوفون ينتظرون محاكماتهم. المسألة تتعلق بالقضاء وليس فقط بالموقوفين الإسلاميين. هناك أشخاص موقوفون لأسباب بسيطة لم تتم محاكمتهم بعد».
وعقّب وزير الداخلية على الخطّة الأمنية التي تدخل يومها الرابع اليوم في الضاحية الجنوبية، وأكد أن «الخطط الأمنية جدية ومن واجباتها فرض الأمن على كل الأراضي اللبنانية، لا سيما الضاحية»، مشيراً حول سلاح حزب الله إلى أن «هناك اتفاقاً على طاولة الحوار، من كل القيادات السياسية، على أنه جزء من الاستراتيجية الدفاعية وليس جزءاً من خطة أمنية في هذا الزاروب أو ذاك».
« الوفاء للمقاومة»: المستقبل خطف الاستحقاق الرئاسي
بدورها، رأت «كتلة الوفاء للمقاومة» أن «الخطة الأمنية في الضاحية الجنوبية لبيروت ليست إلا بعض الواجب الذي تؤديه الدولة لأهلها بترحيب منهم ومن القوى السياسية فيها، وخصوصاً حزب الله وحركة أمل، وذلك من أجل حفظ النظام العام وضبط المخالفات وتوقيف المرتكبين». وحمّلت الكتلة في بيان لها، بعد اجتماعها الدوري برئاسة النائب محمد رعد، «حزب المستقبل الذي انتهك اتفاق الطائف» المسؤولية عن «خطف الاستحقاق الرئاسي وتعطيله، والشلل الذي أصاب بقية المؤسسات الدستورية، والفساد الذي تفشّى في مختلف مرافق البلاد».