عندما نزلت الأمهات في عيدهن الشهر الماضي للمطالبة بحق إعطاء الجنسية لأبنائهن وبناتهن، لم يكنّ يطالبن باسترداد حق مسلوب من نظام طائفي ذكوري جائر فحسب، بل لأنهن يدركن أيضا، حجم الإذلال الذي قد يتعرّض له «فلذات الاكباد» في البلد المحتقن بالعنصرية.أمس، تعرّض سمير (اسم مستعار) لإذلال واهانة على حاجز للأمن العام في الضاحية الجنوبية. سُئل عن أوراقه الثبوتية فأعطى العنصر «الورقة الخضراء» التي يمنحها الأمن العام كتصريح مؤقت، «لأن إقامتي ما خلصت بعد»، وفق ما يقول الشاب العشريني في حديث مع «الأخبار». طلب منه العنصر فتح حقيبته وهو يشتمه، طالبه الشاب بـ»عدم البهدلة» ليجاوبه العنصر: «بدك تعرف شو البهدلة؟ تفضل معنا»، وساقه الى الغرفة المجاورة للحاجز حيث كان الضابط المناوب.

هناك سأله الضابط «من وين؟»، فأجابه الشاب: «من البقاع الغربي»، يقول سمير: «جاوبته تلقائيا باعتبار انني ولدت هناك واعيش هناك في بلدة امي». انتفض الضابط غيرة على الهوية اللبنانية، «كيف بتقول انك لبناني؟ فيني كلبشك هلق بتهمة انتحال صفة»، ليغدق عليه كمّاً من المحاضرات والشتائم.
«كيف بتقول
انك لبناني؟ فيني كلبشك هلق بتهمة انتحال صفة»
لم تقتصر إهانة الشاب هنا، بل تعدتها الى لجوء الضابط الى صفعه وضربه «كي يجمد احتراما لوجوده في مركز للدولة اللبنانية». «فالأجنبي عليه احترام الدولة المقيم فيها»، خلص «التحقيق» مع سمير بسؤاله عن «ماذا يعمل بالحياة»، فأجابه الشاب بأنه في صدد التخرج بشهادة هندسة مدنية، ليجاوبه «اه لانك متعلم نفسك مش لينة لو مش متعلم كنت ألين من هيك».
سمير مولود من ام لبنانية واب سوري، وهو مقيم في لبنان. يقول ان وجعه لا يقتصر فقط على الإذلال والإهانة التي تعرض لها، بل يتجاوزه الى أزمة الهوية التي يعيشها، لم يعرف سوريا ابدا وعند زياراته المحدودة لها كان «منبوذا لانني لبناني هناك، فيما انا غير معترف بي هنا».
من جهتها، استنكرت حملة «جنسيتي حق لي ولأسرتي» الحادثة، ورأت ان التعرّض لأبناء اللبنانيات وغير اللبنانيات أمر مرفوض، وان المس بكرامات الأشخاص يتنافى وحقوق الكرامة الإنسانية. تقول رئيسة الحملة لينا ابو حبيب ان «هذه الحادثة تعكس حجم تخوفنا مما قد يتعرض له ابناؤنا في بلدنا»، وتلفت الى انها بصدد التواصل مع الشاب والتنسيق معه لرفع شكوى على العناصر.