في مداخلته في مجلس المندوبين لرابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي قبل يومين، حدد رئيس الرابطة السابق، النقابي حنّا غريب، خط التماس بين «التيار النقابي المستقل»، الذي يقوده، وبين الهيئة الإدارية الجديدة للرابطة، التي جاء بها ائتلاف حزبي شامل لقوى 8 و14 آذار وما بينهما. شرح أمام المندوبين أن الصراع ليس على «التكتيكات» بل يقوم بين وجهتي نظر داخل الرابطة:ــ الأولى تعتبر أن كل تحرّك هيئة التنسيق النقابية في السنوات الثلاث الماضية كان خطأً، ولا سيما لجهة توحيد المطالب بين القطاعات ورفع سقف الخطاب الوطني العام في المواجهة مع السلطة وأحزابها وحيتان المال والعقارات.

وهذه الوجهة هي التي فازت بانتخابات الرابطة الأخيرة. وقال غريب «إنها كانت تعبّر في الواقع عن عدم الرضى عن ولادة حركة نقابية، لأن هذا ممنوع بقرار سياسي، وخاصة أن الهيئة طرحت تمويل السلسلة من الضرائب على الريوع العقارية وأرباح المصارف وغيرها… وهذا ما ساهم في الرهان على الهيئة في إطلاق حركة نقابية، إلا أن معارضي هذا التوجه يريدون السقف المحدد من قبل السلطة».
ــ والثانية تعتبر أن ما قامت به هيئة التنسيق النقابية هو أقصى ما يمكن في تلك المرحلة، في ظل شراسة الهجوم عليها بهدف إسقاط مطالبها ووأد أي ملامح لولادة حركة نقابية مستقلة وقوية. وقال غريب إن «تحرك السنوات الثلاث كان أهم تحرك نقابي حصل في البلد منذ عقود. هذا ما يقوله الناس لنا، فلمَ علينا أن نحجّم أنفسنا؟ الناس بتكبّرنا ونحن عم نزغّر حالنا».
انطلاقاً من ذلك، دعا غريب الى «الوضوح»، معتبراً أن الخطأ الوحيد الذي اقترفته الهيئة سابقاً هو امتناعها عن تسمية الأمور بأسمائها، وقال «ما قدرنا نسمي الأشيا بأسمائها»، وفي حال استمرار هيئة التنسيق النقابية بالنهج هذا في التعامل مع السلطة، «غطِّ على هيدا وساير هيداك»، فإن رابطة التعليم الثانوي ستُضرب ومعها هيئة التنسيق النقابية، معتبراً أن خيار «التيار النقابي المستقل» هو العودة الى الخطاب النقابي: «فليسمّوا هم نائباً نائباً»، أو «ليرفعوا سقف الخطاب».
ورأى غريب أن تحرك هيئة التنسيق النقابية الحالي «غير جدي»، فالدعوة الى الإضراب في الثالث والعشرين من الشهر الجاري لا تندرج في سياق أي خطة واضحة ولا تسبقها أي تعبئة... وفي حال استمرار الهيئة بالنهج المتبع نفسه، سيؤدي ذلك الى ضرب قطاعات داخل الهيئة. وقال «لا نريد شق الهيئة، فنحن من أسسها، إلا أن وحدة الرابطة ووحدة هيئة التنسيق النقابية مرتبطتان بحقوق الأساتذة والموظفين والكرامة النقابية».
وجدد غريب طرح «التحرّك الموحّد» للهيئة، وقال «حصل ما حصل وانتهينا. الآن ما العمل؟»، هناك مشروع مسخ للسلسلة مطروح في مجلس النواب. هناك قطاعات نالت بحسب هذا المشروع نسبة زيادة 121% أو أكثر، وهناك قطاعات أخرى، مثل أساتذة التعليم الثانوي والمتعاقدين والمتقاعدين والأجراء وبعض معلمي التعليم الأساسي، لم تحصل على نسبة زيادة أسوة بالبقية. «ما نطرحه هو الاستمرار في المعركة الموحدة بدلاً من تحويلها الى معارك بين قطاعات هيئة التنسيق نفسها... علينا أن نطالب بإعطاء جميع القطاعات الزيادة نفسها بنسبة 121%. بمعنى أن أساتذة التعليم الثانوي لديهم مصلحة في تكريس مكاسب القطاعات التي نالت نسبة زيادة 121% والتضامن معها للمطالبة بالحصول على نسبة الزيادة نفسها لنا وللآخرين. هذا هو السبيل لتحقيق مطالب أساتذة التعليم الثانوي وتجنيب الهيئة مخطط السلطة الهادف الى شق صفوفها، عبر إعطاء نسب زيادة متفاوتة وضرب الحقوق المكتسبة».
يعبّر غريب عن اقتناعه بأن كل ما يجري هو «قرار أو خيار سياسي». ويرى في اتصال مع «الأخبار» أن إقرار السلسلة بصيغتها الحالية، «سيؤدي حكماً الى شق صفوف هيئة التنسيق، إذ سيشعر بعض مكوناتها بالظلم، ما يجعلها تتحرّك وحدها دون الآخرين... هذا ما تريده السلطة لإضعاف الحركة النقابية ومنعها من تحصين حقوق من تمثلهم».
وتوجّه غريب الى المندوبين بالقول: «إذا ما بتقلّو لمسؤولك الحزبي إنت واقف ضدي، وتروح تعتصم عنده، إنت بتكون عم تقصّر بحماية كرامة الأساتذة»، داعياً الرابطة الأكثر غبناً، جراء الصيغة المطروحة للسلسلة، الى تنفيذ تحركات «مضافة» على تحركات الهيئة، بهدف تسليط الضوء على مظلوميتها، لا الانفصال عن الهيئة والتفريط بما تحقق في النضالات القاسية.
بعد أربع سنوات من معركة مفتوحة، لم تعد الحكاية حكاية سلسلة، «نحن ح ننفجر»، يصرخ غريب، داعياً إلى إصدار توصية للأساتذة «لينتفضوا بشلوشن»، إذ يرى أن الأساتذة جاهزون، وهم بحاجة إلى من يقودهم ويضع لهم الرؤية المناسبة، «لأن مستوى القمع لم يعد يحتمل في هذا الموضوع».
ورأى غريب أن الهيئة تكرر الخطأ نفسه في تنظيم التحرك المنوي تنفيذه في 23 من هذا الشهر، فهي ستعقد مؤتمراً صحافياً قبل يومين فقط من موعد الإضراب والاعتصام، وهذا تصرّف غير جدّي، مطالباً بالإعلان باكراً، بعد انتهاء عطلة الفصح مباشرة، عن أماكن التجمعات والاعتصامات، ودعوة الأساتذة إلى تنظيم صفوفهم عبر الجمعيات العمومية في مناخ جدي وفعّال، «مش بتركها لقبل يوم أو يومين ونضيع بالآخر وين بدنا نعتصم».