فيما غاب أي تحرك رسمي تماماً، بحجة عطلة الأعياد، عن أزمة السائقين اللبنانيين الذين خطفتهم «جبهة النصرة» الارهابية على معبر نصيب بين سوريا والاردن عقب سيطرة مسلحين سوريين على المعبر الأسبوع الماضي، نفت مصادر قريبة من رئيس تجمع العشائر العربية الشيخ جاسم العسكر، الذي تبرّع بالتواصل مع شيوخ العشائر في حوران، أن يكون قد أوقف مساعيه لمعرفة مصير السائقين، وأكدت أن العسكر لا يزال على تواصل مع زعماء عشائر سوريين على صلة بالجهات الخاطفة.
وكانت المجموعات المسلحة قد افرجت عن ستة سائقين هم حسان ماضي ومصطفى اللويس ومحمود البدوي وخالد عراجي (من بلدة برالياس)، وأحمد العجمي (مجدل عنجر)، ومحمود محيي الدين (من بلدة تعلبايا). وقد وصل هؤلاء الى بلداتهم الاحد الماضي، وامتنعوا عن التصريح للإعلام حفاظاً على حياة زملائهم، فيما أُشيع أن الخاطفين تواصلوا مع ذوي المخطوفين وطلبوا فدية مالية مقابل الإفراج عن ابنائهم. وقال نقيب اصحاب الشاحنات المبردة عمر العلي، ان ثمانية لبنانيين «ما زالوا محتجزين لدى الجماعات المسلحة والاتصالات لا تزال جارية لحل قضيتهم، ولكن لا تقدم ملحوظاً».
وأفيد أن السائقين المخطوفين هم ثمانية، تحتجز «جبهة النصرة» ستة منهم. وعلمت «الأخبار» أن أربعة من هؤلاء من البقاع واثنين من الشمال. وقد أجرى أحد المفاوضين السابقين في ملف العسكريين المخطوفين اتصالاً بـ «رئيس المحكمة الشرعية» في حوران أسامة اليتيم الليلة الماضية، وأبلغه بأن «النصرة» وعدته بتسليمه المخطوفين الستة ظهر اليوم ليصار إلى إطلاق سراحهم. وتفيد المعلومات أن هاك اثنين من المخطوفين ينتميان إلى الطائفة الشيعية، وأن الجهة التي تحتجزهما غير معلنة بعد، وهي تطالب بفدية لإطلاق سراحهما قدرها 100 ألف دولار.

120 شاحنة عالقة
في السعودية تقطّعت بسائقيها السبل


أحد السائقين المفرج عنهم روى لـ»الأخبار» كيف أقفلت السلطات الاردنية ابوابها في وجههم، وأوضح: «أنجزنا كامل المعاملات الجمركية عند آخر نقطة حدودية سورية، وما إن اقتربنا من نقطة الأمن السورية لنختم جوازات سفرنا، قبل دخول الأراضي الأردنية، بدأت المعركة فجأة، وبسرعة سيطر عناصر النصرة على المنطقة الحدودية التي كانت تحت سيطرة وحدات من الجيش السوري وأخرى من الجمارك». وتابع السائق: «اقتادنا المسلحون الى الساحة الجمركية، وأخضعوا الشاحنات لتفتيش دقيق، وأول ما سئلنا عنه كان انتماء كل منا الطائفي». وأشار السائق الىشأن الطيران الحربي السوري تدخل عقب سيطرة المسلحين على المعبر، ما ادى الى تفرق السائقين، ولجأ بعضهم الى حاجز السلطات الاردنية الذي لا يبعد سوى امتار عن المركز السوري. «الا أن عناصر الحاجز منعوهم من الدخول، ولم تنفع تدخلاتهم لدى الضابط الأردني الذي قال إنه لا أوامر لديه بالسماح لهم بالدخول، رغم أن السائقين أعربوا له عن استعدادهم لترك شاحناتهم عند الحدود.
نقيب اصحاب الشاحنات المبردة عمر العلي أكّد أن 11 سائقاً لبنانياً مع شاحناتهم لا يزالون مجهولي المصير وليست معروفة الجهة التي تحتجزهم. وأضاف: «ننتظر من الدولة أن تبدأ الثلاثاء (اليوم)، مع انتهاء عطلة الاعياد، التحرك لمعالجة هذا الملف». وأشار الى أن 66 شاحنة عادت أول من أمس الى منطقة جديدة يابوس على الحدود اللبنانية ـ السورية، «غالبيتها تعرضت للسرقة وحرق بياناتها. وننتظر انتهاء عطلة الاعياد لتسوية أوضاعهم وبياناتهم ليتسنى لهم دخول الاراضي اللبنانية».
الى ذلك، لا يزال عدد كبير من السائقين عالقين في السعودية في انتظار تأمين طريق العودة الى لبنان. وقال أحدهم، أحمد عربية، لـ»الأخبار» إنه ينتظر منذ 11 يوماً في جدة، و»بعد اربعة ايام أصبح مخالفاً ما يعني دفع 50 دولاراً عن كل يوم تأخير في الاراضي السعودية». وبسبب سيطرة المعارضة على المعبر البري الوحيد الذي كانت تديره السلطات السورية، لم يبق امام 120 شاحنة عالقة في السعودية، بين جدة والدمام والرياض ومعبر الحديثة، سوى تحرك الدولة اللبنانية لتأمين عبّارة لنقل الشاحنات من السعودية الى ميناء طرابلس، وقال عربية: «سماسرة النقل البحري بدأوا بابتزازنا. يطلبون منا اجرة الشاحنة 5 آلاف دولار». وقد لجأ ذوي اصحاب الشاحنات الى عدد من الوزراء لمعرفة مصير ابنائهم.