القاهرة | ارتمت القاهرة بحكامها الجدد مرة جديدة في أحضان السعودية، متخلية عن أي دور مستقل للعاصمة العربية المركزية، فيما يبقى دور قواتها العسكرية في عمليات اليمن الجارية محوراً للتساؤلات حول إمكانية تحققه وحجمه. وأعلنت الرئاسة المصرية أمس أنه «استجابة للنداء الذي أطلقته الجمهورية اليمنية الشقيقة، واتساقاً مع الموقف الذي اتخذته دول مجلس التعاون الخليجي بدعم الشرعية...
وانطلاقاً من مقتضيات مسؤولية جمهورية مصر العربية تجاه الحفاظ على الامن القومي العربي بمنطقة الخليج والبحر الاحمر، واستناداً إلى اتفاقية الدفاع العربي المشترك وميثاق جامعة الدول العربية، كان حتمياً على مصر تحمّل مسؤوليتها وأن تلبّي نداء الشعب اليمني من أجل عودة استقراره والحفاظ على هويته العربية، وذلك من خلال مشاركة عناصر من القوات المسلحة المصرية من القوات البحرية والجوية». وبحسب مصدر في الخارجية المصرية، فإن «الرئيس عبدالفتاح السيسي يتابع تطورات الأزمة اليمنية بشكل مكثف منذ وجوده في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا، وكان يتلقى تقارير استخبارية وأمنية حول الوضع الميداني وتحركات الحوثيين». ورأى المصدر أنّ الموافقة المصرية على التدخل «جاءت دون تردد، خاصة أن القوات المسلحة أيّدت الرأي السياسي القائل بذلك بهدف تأمين مضيق باب المندب، وتقرر إرسال وحدات بحرية لتأمين حركة السفن العابرة من قناة السويس، وسط مخاوف من تأثر الملاحة في القناة التي تعتبر المصدر الرئيسي للدخل القومي المصري».
بدوره، أكد مصدر سياسي رفيع المستوى لـ«الأخبار» أنّ «فرق مشاة عسكرية تلقت أوامر بالاستعداد لإمكانية التدخل البري في بعض مناطق اليمن، إضافة إلى وحدات القوات الخاصة التي تجري تدريبات مكثفة لاحتمال تنفيذ تدخل خاص لإتمام بعض المهمات المحددة»، مشيراً إلى أن «التنسيق يتم بين القاهرة والرياض على أعلى مستوى، سياسياً وعسكرياً، وعلى مدار الساعة».
وطبقاً للمادة 152 من الدستور المصري، فإن قرار إعلان الحرب لا يكون إلا بعد أخذ موافقة مجلس الدفاع الوطني، على أن يتم الاستعاضة عن موافقة مجلس النواب حال غيابه بموافقة مجلس الوزراء، وهي الإجراءات التي تمت الموافقة عليها سريعاً يوم أمس.
من جهة أخرى، رأى رئيس أركان القوات المسلحة المصري الأسبق، اللواء عبد المنعم سعيد، في حديث إلى «الأخبار»، أن «مشاركة الجيش المصري مرتبطة بتأمين الأمن القومي المصري والعربي»، مشيراً إلى أنّ «التدخل البري قرار ليس من السهل اتخاذه، خاصة أن الطبيعة الجغرافية الجبلية لليمن تتطلب من أي تحرك بري أن يكون محسوباً بدقة حتى لا يخسر الجيش المصري المعركة». ولفت إلى أن «التدخل سيكون مرهوناً بمدى نجاح الغارات الجوية في تحقيق الأهداف العسكرية».
في هذا الوقت، أكد مصدر دبلوماسي عربي ما سبق أن نشرته «الأخبار» في عدد الثلاثاء الماضي، أن «اتصالات دبلوماسية مكثفة حدثت خلال الأيام الماضية بين السعودية من جهة ومصر وقطر من جهة أخرى، لحثّ الجانبين على الموافقة على انعقاد قمة مصغرة». وتابع المصدر ذاته أن «المملكة العربية السعودية تقدمت بطلب لعقد قمة ثلاثية بين كل من مصر والسعودية وقطر، بغرض تهدئة الأزمة بين القاهرة والدوحة، وذلك على هامش القمة العربية المقرر عقدها في منتجع شرم الشيخ يومي السبت والأحد».