لوزان | وصلت مفاوضات لوزان النووية بين إيران ودول «5+1» إلى بحث في أدقّ التفاصيل وأكثرها حساسية، سواء على المستوى التقني أو على المستويات السياسية والأمنية. وباتت نتائج الجلسات تفرض جدول أعمال الجلسات المقبلة، من دون أن توفر إمكانية رصد جدول أعمال محدّد لمسار المفاوضات.لم يبقَ أمام الولايات المتحدة من خيار سوى تحقيق أكبر إنجاز سياسي ممكن، خلال المحادثات النووية التي إن انتهت جولاتها خلال المهلة المحددة من دون نتيجة فلن تتكرر، لتصبح الجمهورية الإسلامية في حلّ من أي ارتباط نووي مع دول المجموعة، ولا سيما أن إيران قد تجاوزت مراحل الاعتماد على الغير لاستكمال برنامجها النووي السلمي، المتطور على نحو مستمر.

وبالرغم من إقرار دول «5+1» بشفافية برنامج إيران النووي، إلا أن تخبّط وتناقض مصالح السياسات الداخلية أو الخارجية لدول المجموعة، ما عدا روسيا والصين، يفرضان ضغوطاً متزايدة على مسار المفاوضات، وقد منعا التوصل، حتى الآن، إلى حلّ يؤمل أن تخلص إليه هذه الجولة، بشكل أو بآخر، من دون تحديد مضمونه أو شكله.
أجرى روحاني محادثات هاتفية مع بوتين وهولاند وكاميرون

وفي السياق، فقد طرحت فرضيات عدّة لصيغة بيان قد تخلص إليه جولات لوزان النووية، ولم تستثنَ الصيغة الشفهية التي لا تحتاج إلى موافقة وزراء خارجية دول المجموعة.
والجدير بالذكر أن العقوبات الأحادية لا تحتاج لا إلى تفاهم ولا إلى اتفاق لإلغائها، بل فقط الدول التي فرضتها قهراً تستطيع التراجع عنها. أما عقوبات مجلس الأمن، فهي مسار وآلية تصرّ إيران على إطلاقهما على نحو مباشر عند التوصل إلى أي اتفاق، فإما يجري الاتفاق على كل شيء، أو كل شيء يصبح خارج كل اتفاق سبق.
ومجدداً، كما في السابق، رفضت إيران طرح اتفاق على مرحلتين أو أكثر. وسواء ناقش المفاوض الإيراني تطورات العدوان الأميركي السعودي المصري على اليمن أم لا، فإن الموقف الإيراني من تلك المفاوضات لم يتغيّر ويحصر مواضيعها فقط بمناقشة الملف النووي.
وبرغم تأكيد مسؤول أميركي أن العملية العسكرية في اليمن لن يكون «لها تأثير» على المفاوضات مع إيران، إلا أن أروقة لوزان، ولا سيما لقاءاتها الثنائية منذ ليل أول من أمس، وبشكل مستمر أمس، لم تغب عنها قضايا المنطقة الساخنة وآخر تطوراتها اليمنية، حتى إن مراقبين سنحت لهم فرصة الاستماع لأطراف أحاديث الجولات التفاوضية الماراثونية، رأوا فيها كثيراً ممّا لا يمت بصلة للبرنامج النووي.
(رويترز، أ ف ب، الأناضول) وبالتزامن مع التطوّرات الإقليمية ومسار المفاوضات النووية، فقد أجرى الرئيس الإيراني حسن روحاني، محادثات هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون، لإخراج الملف النووي من الجمود الذي يلفّه، والدفع في اتجاه اتفاق نووي، كما وجّه رسالة إلى جميع قادة الدول الكبرى (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا)، وفق ما نقل الخميس موقع الرئاسة الإيرانية.
وفي السياق، قالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي برناديت ميهان «يمكنني التأكيد أن رسالة من الرئيس روحاني إلى الرئيس (باراك) أوباما سلمت للوفد الأميركي في لوزان».
كذلك، أكد روحاني في الاتصالات الهاتفية التي أتت بمبادرة من الجانب الإيراني، أن «الإلغاء التام للعقوبات هو العنصر الرئيسي في المفاوضات من أجل المضي نحو تسوية نهائية»، مكرراً أهمية «الاحترام المتبادل» الذي يجب أن تتصف به هذه المفاوضات.
وفيما أمل بوتين وروحاني أن تتكلّل المفاوضات بـ«النجاح»، أفادت الرئاسة الفرنسية بأن «هولاند الذي أكد حقوق إيران المشروعة في الطاقة النووية السلمية، أصرّ (في الوقت ذاته) على الحاجة الى أن يعمل الجميع بنوايا طيبة للوصول إلى برنامج نووي ايراني دائم وقوي، يمكن التحقق منه يضمن ألا تمتلك إيران سلاحاً نووياً».
من جهتها، أعلنت متحدثة باسم كاميرون، أنه والرئيس الإيراني اتفقا على أنه من الممكن التوصل لاتفاق إطار، بحلول نهاية الشهر الحالي، فيما شدّد روحاني، من جهته، على أن «الطابع السلمي للأنشطة النووية (لإيران) وضرورة إلغاء كلّ العقوبات الظالمة يمكن أن يقودانا إلى تسوية نهائية».
وكان وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند قد أعلن، في وقت سابق من يوم أمس، أن عدم التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني سيؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، كما سيؤدي إلى احتمال حدوث سباق تسلح نووي.
كذلك فقد أكد مسؤول أوروبي أن «ما نودّ تحقيقه بحلول مطلع الأسبوع هو تفاهم بشأن القضايا الرئيسية والمحددات الرئيسية.. وهذا لا يعني انتهاء الأمر هذا الأسبوع»، مشدداً على أنه لن يكون هناك اتفاق بحلول مطلع الأسبوع، لأن الاتفاق لن ينجز إلا حين تسوى كل التفاصيل الفنية.
وتقاطع التصريح الأوروبي مع تصريح مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية قال فيه «نعتقد فعلاً أن بإمكاننا القيام بذلك قبل 31 آذار. نرى طريقاً من أجل التوصل إلى اتفاق»، ولكنه أبدى، مع ذلك، حذره من نتيجة المحادثات الدولية. وبناء عليه، رأى أن «هذا لا يعني أننا سنتوصل إلى اتفاق».
وإذ أشار إلى أنه بعد الثلاثاء 31 آذار، ستفتح «صفحة بيضاء» وسوف تخصص الأيام التالية لمحادثات إضافية محتملة، لكنه أقرّ بأن المسؤولين الأميركيين في واشنطن ولوزان مستعدّون لمحادثات جديدة، إذا جرى تخطي موعد 31 آذار.
هذا التصريح الأميركي يأتي بعدما كان المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ايرنست، قد رأى أن «من الممكن عدم التوصل إلى اتفاق، لكن إذا أُبرم اتفاق، فإنه يجب أن يتضمن التزامات ملموسة ومحدّدة» من إيران.
الطرف الإيراني المشارك في المفاوضات بدا متفائلاً، بدوره، بالتقدم الذي جرى تحقيقه. وأعلن وزير الخارجية محمد جواد ظريف أن المفاوضات سجلت قدراً من التقدم، مؤكداً سعي الطرفين للتوصل إلى اتفاق سياسي، قبل نهاية الشهر الحالي.
من جانبه، صرّح رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي بأن إيران ومجموعة «5+1» أصبحت قريبة من حلّ الكثير من المشاكل الفنية المتعلقة ببرنامج طهران النووي. وأشار إلى أن التفاهم حول القضايا التقنية الذي جرى تحقيقه، سيساعد على تقدّم الطرفين في حل مشاكل سياسية وقانونية.
وفيما من المقرر أن تجتمع إيران والقوى الست في لوزان غداً، أعلنت باريس أن وزير الخارجية لوران فابيوس «قرّر التوجه إلى لوزان صباح السبت عند عودته من نيويورك حيث سيرأس (اليوم) الجمعة جلسة مناقشات عامة حول وضع مسيحيي الشرق والأقليات الأخرى المضطهدة في الشرق الأوسط».