أنهى الرئيس فؤاد السنيورة أمس مروره الرابع أمام غرفة الدرجة الأولى في المحكمة الدولية في لاهاي كشاهد في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. على أن تستأنف الجلسات في التاسع من نيسان المقبل. لا تنفع متابعة شهادة السنيورة الرباعية، في تكوين معلومات إضافية عن الجريمة، بقدر ما تنفع لتكوين تصور إضافي عن تجربته سياسياً واقتصادياً وإنسانياً. أكثر محامو الدفاع من سؤاله تفصيلياً عن شركة «سوليدير» والبيانات الوزارية وعمل الحكومة ووزارة المالية ونسبة الدين العام وتطور الفوائد والعلاقات اللبنانية ــ السورية... بابتسامة هازئة وعبارات «لا أذكر» و»لا أعرف» و» يا ريت لو كنت أعرف» و»لست دولة عالمية لأعرف»... استطاع التهرب من كثير من الأسئلة، حتى بدا وكأن الحريري لم يكن يوماً حاكماً في لبنان!
استفاض السنيورة واستطرد في إجاباته، محاولاً إمرار وقائع ومواقف خاصة به، حتى اضطر القضاة إلى مقاطعته مراراً وتذكيره بـ»أننا لسنا الآن في معرض معرفة شيء عن وزارة المالية». كما في أيام شهادته الثلاثة، استكمل السنيورة أمس التصويب على النظام السوري والجهاز الأمني الذي كان «يتحكم بلبنان». قال إن «النظام السوري والرئيس إميل لحود والنظام الأمني اللبناني بذلا جهداً مستمراً لتحجيم الحريري، لكنهما لم ينجحا». ورداً على ما نقله محامو الدفاع عن دور للحريري في إصدار القرار 1559، سارع السنيورة إلى التذكير بأن «حليف النظام السوري الجنرال ميشال عون هو من لعب دوراً».

ولفت إلى أنه قرار دولي «لم يكن له أي علاقة به، وهذا القرار مرتبط بعلاقة الرئيس بشار الأسد بالدول الكبرى»، مشيراً إلى أن التمديد للحود لربما أسهم في اعتماد القرار 1559، ولم يكن هو الأساس، وإن إظهار أن صداقة الحريري مع الرئيس شيراك هي التي جاءت بالقرار 1559 «هو استهزاء بعقولنا». وبرغم ما أوحاه السنيورة من مؤامرات ومكائد من السوريين ضد الحريري، لفت إلى «أن المفاوضات بين الحريري والمندوب السوري، الذي أعتقد أنه رستم غزالي، توافقت على أن يكون هناك لحود آخر (خلال مناقشة مسألة التمديد للرئيس لحود)».
أول من أمس، لوّح السنيورة بكتاب وزير الدفاع الأسبق محسن دلول «زمن لحود تحت المحاكمة» للتدليل على تجاوزات النظام الأمني السوري. أما أمس، فاستند إلى كتيّب لوزير الدفاع الأسبق الياس المر عن تجاوزات الأجهزة الأمنية. اعتبر السنيورة أنه «كان يفترض أن تتم التحقيقات في شأن الاغتيالات، لكن لم تكن هناك أي رغبة لإجرائها». وفي رده على ما عرف عن علاقته بضباط النظام الأمني السوري، ومنهم جامع جامع، أكد أنه «لم يكن على تواصل على الإطلاق مع الأجهزة الأمنية السورية، ولا يذكر شكل جامع ولا يتذكر بالتحديد أين مركزه في شارع الحمراء». كذلك «لم أعرف تفاصيل عمل رستم غزالة، بل نتائج بعض الأعمال».
السنيورة لم يكتف بتداعيات ما نسبه إلى الحريري في شهادة الثلاثاء عن «محاولات حزب الله لاغتياله». أمس، كرر روايته. «هذا ما قاله الحريري شخصياً وحرفياً من دون أي زيادة ونقصان». وعن علاقة الطرفين، قال إن الحزب «لم يؤيد يوماً الحريري أو اقترح اسمه خلال المشاورات النيابية، ولم يعطه الثقة ولا مرة، لكن كان هناك حرص دائم على الحديث والتعاون بين الجهتين داخل المجلس النيابي». في الوقت ذاته، ذكر أن الحريري والسيد حسن نصرالله اجتمعا أكثر من مرة و»جل ما أعلمه هو النتائج بأكملها، وأن الاجتماع كان جيداً». وأشار إلى أن الحزب كان مؤيداً للتمديد للحود. لكن «رغم عدم تأييده في تشكيل حكوماته، كان الحريري والحزب حريصين على التعاون».
(الأخبار)