قد لا تعني الجوائز أكثر من قيمتها المادية والرواج الإضافي الذي (ربما) تمنحه لصاحبها، ولكنها في مستوى أكثر عمقاً تكون مكافأة للكتابة الجيدة. لقد حدثت «تجاوزات» و«شكوك» و«اتهامات» كثيرة بشأن الجوائز وأحقية الحاصلين عليها في العالم العربي، حيث العديد من الاعتبارات لا تكون أدبية للأسف. الجوائز الأجنبية أيضاً لا تنجو من هذه الشكوك، ولكنها غالباً ما تنجح في تأكيد جودة الكتابة خصوصاً عندما تكون الجائزة معنيّة بمجمل أعمال كاتب ما، وليس بعمل واحد فقط.

وحين يرد اسم كاتبة مثل هدى بركات في القائمة النهائية لجائزة «مان بوكر إنترناشيونال»، فإننا لا نحتاج إلى التساؤل عن وجود اسمها بقدر ما يأتي الإعلان ليذكّرنا بأهمية تجربة صاحبة «حجر الضحك» في الرواية والكتابة. مجرد الإعلان هو مديحٌ إضافي لتلك النبرة السردية التي عرفت بركات كيف تجعل بها الكتابة شاقة وممتعة، مدهشة وذكية، في آن واحد. مديحٌ يأتي هذه المرة من جهة أجنبية، وتمّ ترشيح هدى بركات من خلال رواياتها المترجمة. وهو إشارة أخرى إلى أن السرديات والعوالم والشخصيات التي أحببناها في رواياتها وجدتْ قراءً أحبّوها – مثلنا – في لغات أخرى. هدى بركات (إلى جانب الكاتب الليبي إبراهيم الكوني) حاضرة في قائمة تضم ثمانية كتاب من الأرجنتين وغوادلوبي والهند والولايات المتحدة الأميركية والمجر والكونغو وجنوب أفريقيا وموزمبيق. قد تفوز صاحبة «أهل الهوى»، وقد يفوز الكوني، وقد لا يفوز الاثنان. لسنا نحتفي بخبر الجائزة لأن اسمين عربيين وردا في قائمتها الأخيرة، بل لأن الاسمين (على اختلاف عوالمهما) يستحقان هذه الحضور. أما التركيز على هدى بركات، فمردّه أن تجربتها أحدث من تجربة الكوني الطويلة والمزدحمة بأعمال كثيرة. كذلك نسمح لأنفسنا بالقول إن جملتها الروائية – مقارنةً بالكوني – أكثر اشتباكاً مع الرواية المعاصرة وتعقيداتها، كذلك إن أعمالها لا تداعب خيال ووعي القارئ الأجنبي، والغربي تحديداً، من خلال موضوعات إكزوتيكية وتاريخية ودينية وجنسية... إلخ. إنها روايات مشغولة بنفسها وبعوالمها وبرغبة صاحبتها في مجاراة لغتها ونبرتها أولاً، قبل أن تُصغي إلى محفزات (وجوائز) خارجية.