أثار احتجاج تياري العزم والمستقبل على تعيين رئيس الجامعة اللبنانية عدنان السيد حسين لجميلة يمين مديرة لكلية إدارة الأعمال في طرابلس أكثر من تساؤل. فكيف يمكن السيد حسين أن يعيّن أستاذة من نفس الخلفية السياسية والطائفية التي أتى منها المدير المقال (بحجج التوازن المذهبي) أنطوان طنوس، ما لم يكن هناك اتفاق سياسي على تعيينها؟
مصدر مواكب لأزمة الكلية أوضح لـ«الأخبار» أنه خلال الأيام القليلة التي أعقبت تكليف عميد الكلية غسان شلوق الإشراف على شؤون الكلية مؤقتاً، في 9 آذار الجاري، وقبل تعيين يمين مديرة جديدة للكلية في 19 الجاري، جرت اتصالات لاحتواء ومعالجة الأزمة التي بدأت في أعقاب تعيين طنوس مديراً للكلية في 2 شباط الماضي، واعتراض قوى سياسية على تعيينه، تمثلت تحديداً في تياري العزم والمستقبل.
يكشف المصدر أن نائباً سابقاً، ليس شمالياً، دخل على خط الوساطة بين الرئيس نجيب ميقاتي ونائبي تيار المستقبل في طرابلس محمد كبارة وسمير الجسر من جهة، والنائب سليمان فرنجية من جهة أخرى، وجرى التوافق على تعيين يمين مديرة للكلية، إلا أنه في اليوم التالي «تلقى الطرف الوسيط اتصالات من ميقاتي وكبارة والجسر، مباشرة وبالوساطة، تبلّغ فيها وجود شروط ومطالب مسبقة قبل السير بتعيين يمين، ما أثار اعتراض السيد حسين واستغراب فرنجية» وفق المصدر نفسه، الذي يضيف «أن الأمر دفع رئيس الجامعة إلى عدم النزول عند هذه الشروط والمطالب، فأصدر قرار تعيين يمين بعدها، ما أدى إلى تجدد اعتراض المعترضين وإقفالهم أبواب الكلية مجدداً، وبالقوة، يوم الجمعة الماضي، في اليوم الأول من امتحانات الفصل الأول، وتعليقها إلى وقت غير محدد».
أما الشروط التي طرحها ميقاتي مباشرةً لقبول تعيين يمين، فيؤكد المصدر أنها لا تمت إلى العمل الأكاديمي أو الجامعة بأي صلة، بل تختص بتسوية حسابات سياسية بين المردة والعزم.
أما تيار المستقبل، فقدم مكتبه التربوي صيغة حل تقضي بالقبول بيمين مديرة للكلية، على أن يعيّن رؤساء الأقسام بالأصالة بطريقة تجعل من مجلس الفرع متوازناً بين مختلف الأطراف السياسية، وقد أثيرت صيغة الحل هذه خلال اللقاء الذي جمع وزير التربية الياس بو صعب بأساتذة الكلية أمس، اتفق خلاله المجتمعون على فتح أبواب الكلية نهار الخميس، والإبقاء على يمين مديرة، وتعيين رؤساء أقسام بالأصالة بشكل متوازن لاحقاً، على أن يعاد النظر في تعيينات المديرين في كافة الكليات خلال شهر، وفق ما صرّح بو صعب. والنقطتان الأخيرتان سبق أن طرحهما المكتب التربوي للمستقبل في مناسبات عدة، تحديداً مسألة تعيينات المديرين، إذ يرى التيار أن هناك كيدية في تعامل رئيس الجامعة مع التعيينات عبر إرضاء طرف معيّن (حركة أمل تحديداً) على حساب باقي المكونات السياسية.
وفي الوقت نفسه الذي أعلن فيه بو صعب إعطاء الجامعة اللبنانية مهلة الشهر لإعادة النظر بالتعيينات، شدد على «أن الجامعة اللبنانية يجب أن تحظى باستقلالية تامة ويجب إبعاد السياسة عنها»، وأكد أن رئيس الجامعة اللبنانية «لم يقصد افتعال مشاكل، وأناشده التواصل للمحافظة على الجامعة والتمثيل الصحيح (...) وفترة الشهر ستكون لحفظ التوازنات ودراسة هذا الملف بشكل كامل مع رئيس الجامعة». وأضاف: «نيتنا ليست تأجيل هذه المشكلة لمدة شهر، ولكنها تعطينا الوقت للبحث في الحلول».
في هذا السياق، أكدت رئيسة الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين رشال حبيقة أن «الحل لا يمكن أن يكون إلا انطلاقاً من قوانين الجامعة وأنظمتها بهذا الخصوص، وذلك بروحية وطنية وبعيداً عن المساومات والمحاصصات وعن كل ما يتعارض مع خصوصية الجامعة واستقلاليتها، ولا يحافظ على دورها الأكاديمي ويحمي مستقبلها. ومن هنا تدعو الهيئة مجلس الجامعة لأداء دوره مجدداً في هذا الإطار».