تعتمد الزراعة في لبنان اعتماداً كثيفاً على اليد العاملة السورية الموسمية. الا ان اجراءات الامن العام للحدّ من نزوح السوريين بدأت تعكّر صفو «النموذج»، الذي بني منذ أواسط الثمانينيات من القرن الماضي. هذا النموذج القائم على استخدام العمالة الرخيصة الوافدة وحرمان المقيمين من فرص العمل اللائقة والاجر الكافي والضمانات الواجبة.
المشكلة التي تواجه اصحاب الحيازات الزراعية اليوم لا تكمن في نقص اليد العاملة، ولا سيما مع وجود اكثر من مليون نازح سوري يحتاجون الى مداخيل تعينهم على مواجهة اعباء العيش. بل تكمن في اثر الاجراءات المتخذة على الحدود في قدرة صاحب العمل على الحصول على عمالة «موسمية» بشروط لا يمكن للمقيمين في لبنان القبول بها، نظراً إلى ارتفاع كلفة المعيشة بالمقارنة مع سوريا.
يوضح المزارع في البقاع الغربي سامي حرب أنه يخشى أن يصيب انتاجه في زراعة الخضار والبطيخ والبطاطا، ما أصابه في حرب تموز 2006. قال: «ما إن انتهى موسم قلع البطاطا حتى عاد العمال السوريون الى بلادهم، ليفاجأوا بالقرارات التي منعتهم من العودة الى عملهم».
يقول المزارع محمد ياسين انه وجد نفسه امام اجراءات متشددة للحصول على موافقة الامن العام لدخول عماله، الذين عادوا الى سوريا بعد انتهاء الموسم الماضي، «كمن يدور في دائرة مفرغة». قال: «لم انل غير التعب والكلفة مالية. بين تعهد عند كاتب العدل وافادة مختار واستحصال على افادات عقارية وتأمين مبلغ للكفالة، كله من دون جدوى (...) من المجحف بحق المزارعين أن يشمل القرار عمال الزراعة، فالاجراءات والطلبات والكلفات التي نضعها للحصول على موافقة دخول عمالنا، تزيد علينا اعباء الكلفة، وترفع الاسعار».
النقابات والجمعيات الزراعية في البقاع تطالب السلطات اللبنانية الاخذ بالاعتبار الآثار «المدمرة التي اصابت وتصيب القطاع الزراعي اللبناني»، ودعا رئيس تجمع الفلاحين ابراهيم الترشيشي الى تسهيل استقدام العمال الزراعيين بواسطة لوائح تقدم مباشرة من المزارع إلى الامن العام من دون اللجوء الى تعهدات خطية من خلال كتاب العدل. كما تطالب النقابات الزراعية بالغاء التعهدات المطلوبة من المزارع لكفالة العمال «ضمان الطبابة والتعليم واجازة العمل»، والتي ستؤدي الى زيادة كلفة الانتاج، وكذلك تخفيض رسم الاقامة السنوية من 300 الف ليرة الى 150 الفاً لكل عامل زراعي سوري تجاوز عمره الـ18 سنة، لأن هذه الكلفة سترتد مباشرة على المزارع من خلال زيادة الاجور. بالاضافة الى السماح للعامل الزراعي الحاصل على اقامة من الامن العام لمدة سنة الخروج والدخول من والى لبنان مرتين على الاقل في السنة، والسماح له بادخال عائلته معه، زوجته واولاده.