ما إن أصدرت رئاسة الجامعة أول من أمس قرار تعيين جميلة يمين مديرة لكلية إدارة الاعمال في طرابلس، حتى استعاد تياري العزم والمستقبل أجواء التصعيد احتجاجاً على التعيين، الذي شكّل، برأيهما، «إخلالاً بالتوازنات الوطنية والميثاقية». التياران كانا قد نفّذا سلسلة اعتصامات أوقفت الدراسة في الكلية لمدة 38 يوماً، ولم يفضّ الاعتصام إلا بعد تراجع رئيس الجامعة اللبنانية عدنان السيد حسين عن قرار تعيين طنوس مديراً للكلية، والطلب إلى العميد غسان شلوق الإشراف عليها.
حينها بردت الأزمة وأفسحت المجال أمام عودة الأمور في الكلية إلى طبيعتها تمهيداً لإجراء امتحانات الفصل الأول يوم الجمعة (أمس).
ومع تعيين جميلة يمين، عادت لغة الاعتصام إلى الشوارع المحيطة بالجامعة. وقد شارك النائب محمد كبارة في الاعتصام، ولم يتمكن سوى 20 طالباً من أصل طلابها الـ120 من الدخول إلى الكلية لاجراء الامتحانات. وبحسب شهود عيان، عمد عدد من المعتصمين، من طلاب داخل الجامعة وأشخاص من خارجها، إلى الدخول الى القاعات لمنع الطلاب من تقديم امتحاناتهم، فحصل إشكال بينهم وبين حرس الكلية جرى احتواؤه.
تعليقاً على ما حصل، أوضحت يمين أن «مجموعة أشخاص تعرضوا للطلاب ومنعوهم من الدخول إلى المبنى، وأن عدداً من أساتذة الجامعة ومسؤولين تربويين تابعين لتيارات سياسية دخلوا إلى قاعات الامتحان وحاولوا سحب المسابقات من الطلاب». وأضافت أن عدداً من الطلاب والأساتذة تعرّضوا للضغوط لتعطيل الأعمال الجامعية، «وهذا الشيء مناف للقانون»، وأوضحت أن «الاتصالات جارية مع المعنيين لاستكمال الامتحانات المتبقية في موعدها».
غير أن مصير هذه الامتحانات يبقى مجهولاً، نظراً إلى غياب القسم الأكبر من الطلاب أمس عن الامتحانات، إما قسراً وإما تضامناً مع المحتجين، في حين تشير مصادر من داخل الكلية إلى إمكان تأجيلها حرصاً على سلامة الأساتذة والطلاب، خاصة أن رئاسة الجامعة طلبت من الجيش اللبناني والقوى الأمنية فرز عناصر تؤمن حماية المبنى والطلاب وفق مصادر معنية، إلا أنه حتى الأن لا يوجد تجاوب من قبل القيادات العسكرية مع طلب الجامعة.
رئاسة الجامعة اللبنانية متمسكة بقرار تعيين يمين الصادر «بحسب الاصول القانونية والأكاديمية»، ورأى المكتب الاعلامي في الجامعة أن رئيس الجامعة «لن يتراجع عن قراره وسيعمل ما في وسعه ليحمي استقلالية الجامعة اللبنانية التي يفترض بها أن تلعب دوراً في زرع المواطنة في النفوس وليس عكس ذلك».
المدير الأسبق للكلية بلال شحيطة أوضح لـ»الأخبار» أن «قرار رئيس الجامعة تعيين يمين هو استفزازي، ويطرح تساؤلات حول توقيته، إذ جاء عشية تقديم الطلاب امتحاناتهم. فبدلاً من تدارك الأزمة أسهم في تأجيجها، وإلا لماذا لم تنتظر رئاسة الجامعة تقديم الطلاب الامتحانات وتقدم على خطوتها؟».
وأكد شحيطة أن «ما حصل ليس موجهاً ضد يمين التي نحترم، ولا تيارها السياسي (يمين محسوبة على تيار المردة)، ولكنه موجه ضد رئاسة الجامعة، التي ترفض الاستماع إلى هواجسنا بالغبن والإقصاء»، معتبراً أن «ما يحصل يزعج جميع الأطراف بلا استثناء، ويضع بعضهم في مواجهة طائفية مع البعض الآخر».
تداعيات الأزمة لم تقف عند هذا الحد، بل تطورت وبلغت سقفاً مرتفعاً، بعدما صدر أمس بيان موقّع من الرئيس نجيب ميقاتي والنواب محمد كبارة وسمير الجسر وأحمد كرامي، رأوا فيه أن «الجامعة اللبنانية قد وصلت إلى ما وصلت إليه نتيجة سياسة خرقاء اتبعتها رئاسة الجامعة»، ورأوا أن «الإصرار على تعيين مدير للفرع بالطريقة الذي تم به، يحمل على الاعتقاد بأن القصد من التعيين إنما كان يهدف إلى إثارة فتنة بين أبناء المنطقة».
وإذ رأى البيان أن رئيس الجامعة «يعتبر نفسه فوق القانون»، وأنه «أغفل في التعيينات مكوّناً أساسياً في مجالس كليات إدارة الأعمال والإعلام والتربية»، فقد طالبوا مجلس الوزراء بأن «يعمل على تطبيق القانون بحق هذا الرئيس».